للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- المماطلة، الضمان المصرفي، التجارة في العملات:

هناك عدة قضايا تعالجها البنوك الإسلامية بأساليب مختلفة، أكثرها لا تزال محاطة بشيء من الغموض، ومن هذه القضايا: معاملة المدين المماطل، وكيفية إصدار الضمان المصرفي، والتجارة في العملات الأجنبية. ولما كان المجمع الفقهي الموقر بمنظمة المؤتمر الإسلامي قد عالج بعض هذه القضايا في الماضي فلا حاجة للبيان والتوضيح. والأمر الذي يهمنا أن الاختلاف في معالجة هذه القضايا يسيء لسمعة البنوك الإسلامية ويشوه صورتها، فليبادر من يهمه الأمر بالتنسيق بين البنوك الإسلامية، وخاصة بين الهيئات الشرعية المشرفة عليها، وليكن الهدف إيجاد صيغة مقبولة تضمن الفصل بين العقوبة والتعويض عن الضرر الفعلي الناشئ من المماطلة، وتسهيل عملية إصدار الضمان المصرفي بأسلوب يغطي التكلفة بشمول هامش ربح عادي؛ نظراً لأن البنك الإسلامي أنشئ لاستثمار أموال الناس وتحقيق الأرباح لهم وليس للتبرع بالخدمات المصرفية، أما التجارة في العملات الأجنبية فالمهم الابتعاد عن الربا وشبهته مع تحريك عجلة الاقتصاد، الأمر الذي يقتضي التزامات مستقبلية في بعض الأحوال.

٥- الرقابة الشرعية:

أوجدت هيئات الرقابة الشرعية في أكثر البنوك الإسلامية لتصحيح المسار وكسب ثقة الناس، وقد نشرت عدة من البنوك الإسلامية بعض فتاوى هذه الهيئات، الأمر الذي يستحق الثناء عليه بما أثرى به مكتبة الاقتصاد الإسلامي. ولكن لا تزال أعمال هذه الهيئات وموقف إدارة البنوك منها محاطة بشيء من الغموض، كما تفقد هذه الهيئات جهة تنسق بينها وتسعى لرفع الخلاف في الفتوى في أمور تعم الجميع، مثل الوعد الملزم في المرابحة، أو البيع والشراء الموازيان في العملات الأجنبية، والتجارة في الأسهم، وحكم أسهم الشركات التي لا تخلو أعمالها من التعامل بالفوائد المصرفية ... إلخ.

ومن المهم أيضاً إيجاد معايير موحدة لعمل الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية من حيث: التعيين والفصل، التعويضات المالية، حق الاطلاع والتفتيش دون استئذان الإدارة، حق الإعلان ونشر القرار، وإلزامية القرار.

إن القطاع المصرفي النقدي من أكثر القطاعات تعقيداً، كما يتميز هذا القطاع بتطور مستمر وسريع تجاوباً مع سرعة التطور في تقانة المواصلات والمعلومات. وليس من السهل تعديل الصيغ المستعملة للمعاملات المصرفية حسب التعليمات الإسلامية، أو تطبيق الصيغ المقررة في الفقه الإسلامي في القطاع المصرفي والنقدي، إلا بتجنيد كل الطاقات البشرية ذات الخبرة والتجربة والرسوخ في العلوم الشرعية.. إلخ. وليس ما عرض على المجمع الفقهي الموقر في هذه الورقة المتواضعة إلا تنبيه إلى هذا الأمر وتأكيد على أهميته، وأرجو أن ينال الموضوع العناية التي يستحقها، وجزاكم الله خيراً.

د. محمد نجاة الله صديقي

<<  <  ج: ص:  >  >>