للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- ضرورة الرعاية والمساندة من قبل البنوك المركزية:

نشأت البنوك الإسلامية تحت مظلة قوانين خاصة (١) وضعت لها لتمكنها من ممارسة نشاط مصرفي في بيئة يسود فيها التعامل بالفوائد المصرفية. ولكن لم تعط هذه القوانين كثير أهمية لعلاقة هذه البنوك بالبنك المركزي في البلد الذي تعمل فيه، (٢) وبمرور الزمن أثيرت قضيتان لا يمكن إغفالهما:

أ- رقابة البنك المركزي على البنوك الإسلامية وإخضاعها لأنظمة ولوائح مثل ما يختص بالأرصدة الاحتياطية، وغيرها.

ب- مساندة البنك المركزي للبنوك الإسلامية، وبخاصة بوصفه الملجأ الأخير للسيولة في حالة احتياج البنوك الإسلامية للسيولة.

فإن البنك الإسلامي لا بد أن يخضع لأنظمة ولوائح توضع من قبل البنك المركزي في البلد الذي يشتغل فيه؛ نظراً لما ينتج من أعماله من التوسع النقدي وتوجيه الاستثمار إلى قطاع دون قطاع من الاقتصاد الوطني، ولما أنه يدير أموال جماهير الناس -مساهمين ومودعين- فللدول أن تراقب سيره حفاظاً على أموال الناس للمصلحة العامة.

ولما كان البنك المركزي هو وكيل الدولة لمراقبة المؤسسات المالية وتوجيهها لتحقيق المصلحة العامة فمن الضروري أن يكون له صلة وثيقة مع البنوك الإسلامية في البلد.

أما حاجة البنك الإسلامي لرعاية البنك المركزي فلإيجاد الثقة وإحكامها، فإن ثقة الجماهير في بنك ما لا تتوفر إلا بعلم الجميع أن البنك المركزي سوف يسانده في الأزمات إذا وقعت، ولا يتركه يقع في الإفلاس؛ لأن البنك المركزي يقدم هذه المساندة للبنوك التقليدية، فلا وجه لحجبها عن البنوك الإسلامية. فمن واجبات البنوك المركزية في البلدان الإسلامية إرسال رسالة واضحة وصريحة للجميع، داخل البلد وخارجه، بأن السلطات النقدية في البلد تساند البنك الإسلامي وسوف لا تتركه عرضة للفشل، ومن مستلزمات هذه المساندة تقديم السيولة المطلوبة إذا افتقر البنك الإسلامي لها؛ لأنه واجب يترتب على إحدى وظائف البنك المركزي المعروفة، وهو وظيفة المقرض الأخير. ومن البديهي أنه بالنسبة للبنوك الإسلامية لا يكون هذا التمويل على أساس القرض بالفائدة. فإما أن يكون قرضاً حسناً، أو وديعة استثمارية، أو بأسلوب من الأساليب الأخرى المقترحة من قبل الاقتصاديين الإسلاميين، أو التي يمارسها البنك المركزي في البلدان التي تحاول التحول الكامل إلى نظام مصرفي خال من الربا مثل الباكستان، وإيران، والسودان. (٣)

يرى بعض الباحثين (٤) أن العلاقات بين البنوك المركزية والبنوك الإسلامية تحت رعايتها تشكل إحدى المشكلات التي تواجهها البنوك الإسلامية في الوقت الحاضر، والحقيقة أنه ليس لدى كاتب هذه الورقة معلومات كافية في هذا المجال لنكتف بالتأكيد على ضرورة جمع المعلومات ودراسة الموضوع دراسة علمية.


(١) مجموعة اتفاقيات وأنظمة وقوانين البنوك الإسلامية. جدة ١٩٧٧ - مركز البحوث والتنمية، جامعة الملك عبد العزيز. John R. Presley Directory of Islamic Financial Institutions, London, ١٩٨٨.
(٢) كان هذا في السبعينات، أما الثمانينات فاختلف الوضع ونجد السلطات النقدية تعطي اهتماما ًبالغاً لعلاقة البنك الإسلامي مع البنك المركزي في البلد، كما يلاحظ في القانون الماليزي رقم ٢٧٦ الصادر عام ١٩٨٣ والمرسوم التركي رقم ٨٣/٦. ٧٥ الصادر عام ١٩٨٣، انظر كتاب جان برسلي المذكور أدناه، صفحات ٣١٧-٣٢١، ٣٢٧-٣٢٨، ٣٣٢-٣٣٣، ٣٤٢-٣٤٥. John R. Presley Directory of Islamic Financial Institutions, London, ١٩٨٨.
(٣) محمد نجاة الله صديقي (المصارف المركزية في إطار العمل الإسلامي) في كتاب الإدارة المالية في الإسلام، الجزء الأول (ص ٣١ - ٧٦) ، عمان، المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية: مؤسسة آل البيت ١٩٨٩.
(٤) مسعد زين الدين: Mosad Zineldin The Economics of Money and Banking: A Theoretical and Empirical Study of Islamic Interest - Free Banking, Stockholm, Almqvist & Wiksell Interntional, ١٩٩٠, page ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>