أنا أعلم أن هناك بعض الفتاوى التي لا تجيز شراء أي نوع من أسهم الشركات المساهمة العامة ما دام أنها تتعامل ولو عرضاً بالربا أخذاً وعطاءً، وذلك دون النظر إلى كل حالة على حدة، وبغض النظر عن أهدافها ونوايا الجهة المشترية للأسهم. وكما ذكرت فإن ذلك سيضعف الملتزمين الإسلاميين ويجعل مراكز القوى الاقتصادية في يد غير المسلمين. والحال أسوأ في الدول الإسلامية التي بها مواطنون غير مسلمين فإنهم سيسيطرون على مقدرات البلد.
فإصدار الفتوى مطلقة دون النظر إلى الآثار الجانبية التي تلحق الضرر بالمسلمين قد لا يكون ملائماً، ولو نظرتم حضراتكم إلى كل حالة ومقصد الشراء فيها، فمثلاً أعتقد بتشجيع المسلمين على شراء أسهم الشركات المساهمة العامة في الدول الإسلامية (حتى ولو كانت تتعامل عرضاً بأخذ ودفع الفوائد) بغرض إحكام سيطرة المسلمين على مراكز الإنتاج كهدف، ثم تحويل هذه الشركات من الداخل للتعامل بالطرق الإسلامية، أعتقد أن في هذه الحالة الأمر واجب ومندوب إليه.
يلي ذلك الأسهم في الدول الإسلامية التي كل مواطنيها مسلمون، أما الأسهم في الغرب فلا أظن أنه بالإمكان محاولة التغيير في الشركات الكبيرة، ولكن توجد شركات حقوق الملكية فيها إلى الديون معقولة، وأنا أعرف محفظة أسهم في نيويورك تعرف الآن باسم (المحفظ الإسلامية) أنشأناها مع بعض المختصين في تلك الأسواق ومن خلال بيوت سمسرة غربية بدأنا فيها بشركات رؤوس أموالها إلى ديونها ١- ١ ثم ٦٠- ٤٠ ثم ٧٠ – ٣٠ ووصلنا بفضل الله إلى ٨٠ – ٢٠، ونأمل الوصول إلى ١٠٠ وذلك يتأتى بالإقناع وبتوفير التمويل اللازم بوسائل إسلامية، ونتائج هذه المحفظة باهرة، وتعمل لها مقارنة مع محافظ أخرى، ودائما نتائج هذه أحسن، وبدأ الغربيون يستغربون ذلك؛ لأن هناك نظرية غربية عن موضوع الرافعة المالية وضرورة الديون، وقد أثبتنا الحمد لله أن تلك النظرية ليست دائماً صحيحة.
هناك حالة قد تدعو لها الضرورة في بعض المؤسسات المالية الإسلامية التي تحتاج إلى أصول يمكن تسييلها بسرعة لمواجهة متطلبات السحب المفاجئ، فاحتفاظها بجزء من أموالها في الأسهم الغربية يتيح لها ذلك ولا توجد وسيلة أخرى توفر هذه الإمكانية، وإن لم تقم بذلك تتعرض للكثير من الضرر والتقلص.
هناك حالة مؤسسات مالية تتعامل في ذلك بغرض المضاربة وتحقيق ربح سريع كبير، وهي بعملها ذلك تضر الأسواق ولا تنفع المجتمع وتتعامل بأسهم يشوبها الربا.. فهل ذلك مقبول أم لا؟