قبل أن أختم كلمتي أود أن أتساءل عن موضوعين ربما يلقيان بصيصاً من ضوء على الإجابة المتوقعة:
الأول: موضوع الأوراق النقدية في العصر الحاضر والتي نتقاضى بها رواتب وأرباحاً لا يشوبها غبار الربا، أليس غطاؤها عملات واحتياطات تتعامل بها البنوك المركزية بالربا ولو كان عرضاً، فهل نمتنع عن استلامها والتعامل بها وهي حتى قيمتها يدخل في تحديد ارتفاعها وانخفاضها الربا؟
الثاني: هذه الشركات المساهمة العامة التي تتعامل بالربا عرضاً، هل يجوز لنا أن نمولها مرابحة وتأجيراً، أم نمتنع عن ذلك؛ لأنها تتعامل بالربا، وقد تدفع لنا رأس مالنا وأرباحنا من مصادر ربوية لها، وهي لا تستطيع الفصل بين مصادرها الربوية وغير الربوية، وإذا كان ذلك لا يجوز فمن نمول؟؟ وهل لو اشترطنا عليها الامتناع عن التعامل بالفوائد كلياً هل إمكانيات البنوك الإسلامية المالية تسمح بذلك أو الضوابط القانونية التي تفرض من البنوك المركزية والأعراف المصرفية التي لا تتيح تمويل عميل واحد بأكثر من ١٠ % من رأس مال البنك.
وهذه مشكلة حالية تواجهنا مع كثير من المتعاملين المسلمين الصادقين الذين لا يرغبون في التعامل في الربا في كامل أعمالهم، ولكن الحواجز القانونية الإسلامية لا تتيح لنا تمويله بأكثر من نسبة معينة، ولقد طرحت ذلك في أحد الاجتماعات المشتركة للبنوك الإسلامية، واقترحت إنشاء صندوق تساهم فيه البنوك الإسلامية بمبالغ معينة، وبفوائض ما لديها، بحيث إذا قام البنك الإسلامي الأردني مثلاً بدراسة عميل وأجاز تمويله بكامل احتياجه إلا أن حاجز النسبة يعوق ذلك، فنلجأ لهذا الصندوق حتى يقدم الفرق بنسبة من كل بنك، وبذلك نتيح للعملاء أسلمة أعمالهم، ولكن الاقتراح ذهب أدراج الرياح؛ لأن كل بنك ينظر فقط لصالح مساهميه ولا ينظر للمصلحة العامة للمسلمين.
أيها السادة العلماء:
الموضوع المطروح أمامكم خطير، وأرجو الله أن يلهمكم الصواب.