للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يعنينا هنا هو تعريف الشركة بقدر ما يخدم الموضوع الذي نبحث فيه، فقد عرفها في التكملة الثانية للمجموع (بأنها ثبوت الحق لاثنين فأكثر على جهة الشيوع) (١) وعرفها المغني: (بأنها الاجتماع في استحقاق أو تصرف) (٢)

وعرفها خليل المالكي بقوله: (الشركة إذن في التصرف لهما مع أنفسهما) قال شراحه: (إنه إذن من كل منهما في التصرف في ماله لهما مع بقاء تصرف أنفسهم) ، وعرفها ابن عرفة بتعريفين: (أحدهما عام والآخر خاص، قال: الأعمية تقرر متمول بين مالكين فأكثر ملكاً فقط، والأخصية بيع مالك كل بعضه ببعض كل الآخر موجباً صحة تصرفهما في الجميع) (٣)

وبعد، فإنه بدون أن ندخل في مناقشة التعريفات جنساً وفصلاً والاختلاف الذي يمكن ملاحظته بينها، والناشئ عن اختلاف المذاهب في الشركة الصحيحة بين موسع كالحنابلة ومضيق كالشافعية ومتوسط كالمالكية؛ يمكن أن نقرر:

إن العنصر المشترك هو استواء الشركاء في المسؤولية؛ عبرنا بثبوت الحق المشاع، أو الاجتماع في استحقاق، أو الإذن في التصرف لهما مع أنفسهم.

وانطلاقاً من الملاحظة الأولى يمكن القول: إن الاشتراك في شركة تنص قوانينها على أنها تتعامل بالربا لا يجوز، وكذلك تلك التي يعرف عنها ذلك، ولو كان أصل مال الشركتين حلالاً والدخول في هذا النوع من الشركات حرام وباطل.

وأما تلك التي أصل مالها حلال ولا يوجد شرط ولا عرف بالتعامل بالربا، إلا أنها يديرها من لا يتحرج من تعاطي الربا؛ فهذه يفصل فيها، فإن كان الشريك الذي يتحرج من الربا يشارك في نشاطها ويطلع عليه بحيث يمنع من تسرب الربا إليها فهذا جائز، وإن لم يكن كذلك بل تجري معاملاته في غيبته، فإن ذلك لا يجوز بداية ويصح عقد الشركة في النهاية، فإذا تحقق وقوع بعض المعاملات الربوية فإنه يتصدق بالربح المتعلق بتلك المعاملة وجوباً لتطهير ماله، وإذا لم يتحقق بل شك في ذلك فإنه يندب له التصدق.


(١) التكملة الثانية للمجموع
(٢) المغني لابن قدامه ٧/ ١٠٩، دار هجر
(٣) الزرقاني على خليل، مع حاشية البناني: ٦/ ٤٠، وكذلك الحدود لابن عرفة، شرح الرصاع (ص ٣٢٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>