هذه حصيلة ما يفهم من كلام العلماء في مختلف المذاهب، وما تدل عليه الأصول العامة للشريعة.
وإليك بعض نصوص العلماء المتعلقة بالموضوع تصريحاً أو تلويحاً:
قال ابن قدامة:(قال أحمد يشارك اليهودي والنصراني، ولكن لا يخلو اليهودي والنصراني بالمال دونه، ويكون هو الذي يليه إنه يعمل بالربا، وبهذا قال الحسن والثوري وكره الشافعي مشاركتهم مطلقاً، لأنه روى عن عبد الله بن عباس أنه قال: (أكره أن يشارك المسلم اليهودي) ، ولا يعرف له مخالف في الصحابة، ولأن مال اليهودي والنصراني ليس بطيب، فإنهم يبيعون الخمر ويتعاملون بالربا، فكرهت معاملتهم، ولنا ما روى الخلال بإسناده عن عطاء ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مشاركة اليهودي والنصراني إلا أن يكون الشراء والبيع بيد المسلم)) ، ولأن العلة في كراهة ما خلوا به معاملتهم بالربا وبيع الخمر والخنزير، وهذا منتف فيما حضره المسلم أو وليه، وقول ابن عباس محمول عليه، فإن علل بكونهم يربون، كذلك رواه الأثرم عن أبي حمزة عن ابن عباس أنه قال: لا تشاركن يهودياً ولا نصرانياً ولا مجوسياً؛ لأنهم يربون، وإن الربا لا يحل، وهو قول واحد من الصحابة لم يثبت انتشاره بينهم، وهم (الشافعية) لا يحتجون به، وقولهم: إن أموالهم غير طيبة لا يصح؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد عاملهم ورهن درعه عند يهودي على شعير أخذه لأهله، وأرسل إلى آخر يطلب منه ثوبين إلى الميسرة، وأضافه يهودي بخبز وإهالة سنخة، ولا يأكل النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس بطيب، وما باعوه من الخمر والخنزير قبل مشاركة المسلم فثمنه حلال لاعتقادهم حله، ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ولهم بيعها وخذوا أثمانها، فأما ما يشتريه أو يبيعه من الخمر بمال الشركة أو المضاربة فإنه يقع فاسداً.. لأن عقد الوكيل يقع للموكل، والمسلم لا يثبت ملكه على الخمر والخنزير، فأشبه ما لو اشترى به ميتة أو عامل بالربا، وما خفي أمره فلم يعلم فالأصل إباحته وحليته) (١)