مما تقدم يتضح أن الثمنية في الذهب والفضة موغلة فيهما، وأن النص صريح في اعتبارهما مالا ربويا يجب في المبادلة بينهما التماثل والتقابض في مجلس العقد فيما اتحد جنسه والتقابض في مجلس العقد في بيع بعضهما ببعض إلا ما أخرجته الصناعة عن معنى الثمنية، فيجوز التفاضل بين الجنسين منهما دون النسأ على ما سبق من توضيح وتعليل.
وتأسيسا على ما تقدم في البحث من خصائص الذهب وكونه أكثر الأثمان إيغالا في الثمنية، وما جاء فيه من نص صريح يقضي باعتباره مالا ربويا يلزم في المبادلة بين الجنس منهما المماثلة والتقابض في مجلس العقد والمبادلة بين الجنسين التقابض في مجلس العقد وما تقدم لنا من اعتبار الثمنية علة الربا فيه تأسيسا على ما تقدم يمكننا الحكم على المسائل التي عرضها مجمع الفقه الإسلامي بجدة.
ومنها:
حكم المبادلة بين مقدار من الذهب ومقدار أقل منه مضمونا إليه جنس آخر، الحكم في ذلك فيما يظهر لي الجواز؛ لأن الزيادة في أحد العوضين مقابلة بالجنس الآخر في العوض الثاني أشبه الحكم بجواز بيع حلي الذهب بأكثر من وزنه ذهبا حيث إن الزيادة في الثمن وزنا هي قيمة الصنعة في الحلي وقد مر بنا النقل عن ابن القيم رحمه الله في ذكر هذا الحكم وتعليله.
ومنها:
بيع الذهب بالقيمة إذا كان مشغولا – أي فيه صنعة وصياغة – لا يخفى أن الذهب قد يباع بذهب وقد يباع بنقد آخر من فضة أو روق نقدي أو فلوس. فإذا كان الذهب المبيع مشغولا كأن يكون حليا فإن بيع بذهب فلا بأس أن يكون الثمن أكثر وزنا من وزن الذهب الحلي، وتكون الزيادة في الوزن في مقابلة الصياغة والعمل وقد مر بنا رأي ابن القيم في ذلك وذكره تعليل القول بالجواز إلا أنه يشترط للمبادلة بينهما الحلول والتقابض في مجلس العقد. وأما إذا كان أحد العوضين ثمنا غير الذهب فلا بأس في البيع مطلقا لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة بن الصامت:((فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد)) .
ومنها:
المتاجرة في الأواني أو الحلي والساعات الذهبية المصنوعة للرجال.
لا يخفى أن الحكم الشرعي في تملك الأواني الذهبية والفضية التحريم وما حرم تملكه حرم بيعه. أما الحلي فإن كان معدا للرجال فهو حرام والنصوص في ذلك أشهر من أن تذكر وما حرم تملكه حرم بيعه.