وأما ما كان مموها بالذهب أو الفضة أو مشغولا بهما أو بأحدهما بحيث تكون كمية الذهب أو الفضة فيها قليلة جدا بالنسبة إلى ما شغلت به فهذه المسألة محل اجتهاد ونظر وفيها اختلف العلماء بين الإباحة والحظر. فمن نظر إلى الحكمة من التحريم وهي كسر قلوب الفقراء ورأى أن في التمويه بهما وشغل الأداة بشيء منهما بما يعطي الأداة لون أحدهما من نظر إلى هذا قال بالتحريم بصرف النظر عن كامل محتوى الأداة بأحدهما أو بجزء منها لما في ظاهرها من بهجة وزينة وإغراء ينكسر برؤيته قلب الفقير العاجز عن تملكها. ومن نظر إلى أن غالب محتوى الأداة من غيرهما وأن ما فيها من أحدهما لو استخرج لما كان شيئا.. ونظر إلى القاعدة الشرعية: يجوز تبعا ما لا يجوز استقلالا.. قال بجواز ذلك؛ ولكل من الرأيين وجاهته واعتباره ويكون للاختيار منهما التوجه بتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول:((الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس؛ فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)) . والله أعلم. ومنها: شراء الفرد الذهب بالشيك أو ببطاقة الائتمان أيعد ذلك قبضا للثمن؟ اصطلح الفقهاء على تسمية بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة مراطلة، وعلى تسمية بيع الذهب بالفضة أو بأي ثمن آخر أو العكس صرفا، واشترطوا في المراطلة المماثلة في الوزن والحلول والتقابض في مجلس العقد، واشترطوا في الصرف المتمثل في بيع أحد المعدنين الذهب والفضة بأحدهما أو بأي ثمن آخر من ورق أو فلوس التقابض في مجلس العقد؛ وأصل ذلك حديث عبادة بن الصامت المتقدم ذكره ٠ الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلى آخره – واتفق العلماء على أن القبض أمر مرده إلى العرف والعادة فأي طريقة يتم فيها الاستيلاء الكامل على العين محل العقد تعتبر قبضا. وقد بحث العلماء وضع الشيك وهل يعتبر قبضه قبضا لمشموله مبرئا؟ فأصدر مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي قرارا باعبتار قبض الشيك المعتبر قبضا لمحتواه. وقد وجد الخلاف بين فقهاء العصر في تفسير معنى الشيك المعتبر فذهب بعضهم إلى أن الاعتبار في الشيك أن يكون مصدقا من البنك المسحوب عليه؛ لأن تصديقه يعني حمايته من الساحب أن يعود فيه كما يعني وجود رصيد كامل للساحب لتغطية سداد الشيك، وهذا المعنى يعطي القناعة الكاملة بالقدرة على التصرف في مشمول الشيك في أي وقت يريده المستفيد منه، وهذا معنى القبض.
وذهب آخرون إلى أن المراد بالشيك المعتبر هو أن يكون له رصيد في البنك المسحوب عليه لتغطيته. ولكن هذا المعنى لا يعطي القناعة بالقدرة على تصرف المستفيد منه بمشموله. فلئن كان للساحب رصيد لتغطيته فقد يرجع الساحب في الشيك قبل قبضه، وهذا الاحتمال الوارد ينفي عن هذا الشيك الثقة في القدرة على التصرف فيه، وبالتالي فينتفي عن هذا الشيك معنى القبض، وهو القدرة على قبض محتواه أو الأمر بقيده في حسابه.