واتفق العلماء على أن القبض أمر مرده إلى العرف والعادة فأي طريقة يتم فيها الاستيلاء الكامل على العين محل العقد تعتبر قبضا. وقد بحث العلماء وضع الشيك وهل يعتبر قبضه قبضا لمشموله مبرئا، فأصدر مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي قرارا باعتبار قبض الشيك المعتبر قبضا لمحتواه. وقد وجد الخلاف بين فقهاء العصر في تفسير معنى الشيك المعتبر فذهب بعضهم إلى أن الاعتبار في الشيك أن يكون مصدقا من البنك المسحوب عليه لأن تصديقه يعني حمايته من الساحب أن يعود فيه كما يعني وجود رصيد كامل للساحب لتغطية سداد الشيك؛ وهذا المعنى يعطي القناعة الكاملة بالقدرة على التصرف في مشمول الشيك في أي وقت يريده المستفيد منه وهذا معنى القبض. وذهب آخرون إلى أن المراد بالشيك المعتبر هو أن يكون له رصيد في البنك المسحوب عليه لتغطيته؛ ولكن هذا المعنى لا يعطي القناعة بالقدرة على تصرف المستفيد منه بمشموله. فلئن كان للساحب رصيد لتغطيته فقد يرجع الساحب في الشيك قبل قبضه وهذا الاحتمال الوارد ينفي عن هذا الشيك الثقة في القدرة على التصرف فيه وبالتالي فينفي عن هذا الشيك معنى القبض وهو القدرة على قبض محتواه أو الأمر بقيده في حسابه.
والذي يظهر لي – والله أعلم – أن الشيك المعتبر والذي هو في معنى القبض هو الشيك المصدق. وتأسيسا على هذا فإذا اشترى الفرد ذهبا أو فضة بثمن آخر وبموجب شيك بذلك الثمن فإن كان مصدقا فقبضه قبض لمحتواه والمصارفة بذلك صحيحة.
وإن كان غير مصدق فقبضه ليس قبضا لمشموله وبالتالي فقبضه ليس في حكم القبض المبرئ للذمة والمصارفة بموجبه غير صحيحة لأن التقابض في مجلس العقد غير محقق.
فمثل هذا الشيك آفاته كثيرة منها احتمال سحبه على غير رصيد أو على رصيد لا يكفي لتغطيته أو لاحتمال رجوع ساحبه في سحبه قبل تقديمه للبنك المسحوب عليه فهذه العيوب تجعله غير أهل للاعتبار في القول بأن قبضه قبض لمحتواه. والله أعلم.
وأما شراء الذهب ببطاقة الائتمان فنظرا إلى أن بطاقة الائتمان تعتبر مبرئة للذمة براءة كاملة بين المتصارفين وحق بائع الذهب بموجب بطاقة الائتمان ثابت كثبوت حقه في الشيك المصدق من حيث إن صاحب البطاقة حينما يوقع بموجبها على فاتورة الدفع لا يستطيع الرجوع في توقيعه ولا يستطيع مصدر البطاقة أن يتأخر عن سداد القيمة عند الطلب مهما كانت حال صاحب البطاقة. ونظرا لهذا فإن القول بصحة المصارفة ببطاقة الائتمان قول وجيه يؤيده أن معنى القبض متوفر فيها حيث يتفرق المتصارفان بموجبها وليس بينهما شيء. ومع هذا فالمسألة في حاجة إلى مزيد من النظر والتأمل في ضوء التصور لحقيقة البطاقة الائتمانية. والله المستعان.
ومنها: التعامل بشهادات الذهب أو حسابات الذهب.
وهي شهادات تصدرها مؤسسات متخصصة تخول صاحبها قبض كمية من الذهب ولا يلزم أن تكون تلك الكمية معينة منفصلة عن غيرها، وقد لا تكون موجودة فعلا لدى المؤسسة في كل الأوقات.