للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا التعامل يعني أن أحد الرجال مثلا يشتري كمية من الذهب يجري تسلمه شهادة بها يتسلم بموجبها هذه الكمية من الذهب من مخازن إحدى هذه المؤسسات أو من مخازن متخصصة لهذه المؤسسة حق التحويل عليها بذلك وقد لا يكون الذهب موجودا في هذه المخازن وقت المصارفة.

الذي يظهر لي والله أعلم أن هذا النوع من المصارفة لا يتحقق فيه معنى التقابض في مجلس العقد لأمرين أحدهما أن المؤسسة المتخصصة في إصدار شهادات الذهب ليس لشهاداتها اعتبار موجب للثقة كالثقة في الشيك المصدق. حيث إن مشتري الذهب لا يستطيع التصرف فيما اشتراه في مجلس العقد للاحتمال القوي في بعد هذه المخازن عن قدرته على حيازة ما اشتراه.

الثاني أن وجود الذهب في المخازن المختصة مشكوك فيه فقد يكون موجودا وقد لا يوجد إلا بعد وقت لا يعلم تحديده فيطلب من المشتري الانتظار والرسول صلى الله عليه وسلم يعتبر من عناصر المصارفة وصحتها التفرق بين المتصارفين وليس بينهما شيء. وهذا العنصر مفقود في هذه المصارفة فضلا عن أن التقابض في مجلس العقد مفقود حسا ومعنى. وتأسيسا على هذا فلا يظهر لي جواز هذا النوع من المصارفة لفقده شرطها. والله أعلم.

ومنها: حكم شراء أسهم شركة تعمل في استخراج الذهب وتعد أكثر أصولها منه، هل يمثل السهم حصة شائعة في الذهب؟ هل لذلك تأثير على حكم التعامل بأسهمها؟

لا يظهر لي مانع من شراء أسهم في شركة تعمل في استخراج الذهب ولو كانت غالب أصولها من ذلك الذهب لأن الشركة شخص اعتباري له ذمة محدودة ذات وعاء قابل للحقوق والواجبات والتملك والتبرع وغير ذلك من التصرفات المالية فأسهم هذه الشركة حصص شائعة في عموم مقوماتها وعناصر وجودها ومن هذه العناصر والمقومات قيمتها المعنوية المتمثلة في اعتبارها ومكانتها في سوق الشركات وأسواق الانتاج وقد تكون قيمة الجانب الاعتباري للشركة أكثر حجما من قيمة ما لديها من أصول متحركة. كما أن للشركة أصولا ثابتة للإدارة والتشغيل غير الذهب فسهم الشركة ليس محصورا في كمية الذهب الذي تقوم الشركة باستخراجه حتى يقال بمراعاة شروط الصرف وإنما تمثل أسهمها كامل عناصر وجودها السهم فيها حصة مشاعة في عموم مقومات الشركة واعتبارها. فمن يشتري سهما أو أكثر من أسهم هذه الشركة لا يعتبر نفسه قاصدا شراء كمية من الذهب المستخرج. فالذهب المستخرج مادة متحركة يخرج اليوم ويباع غدا ويخرج غيره بعد ذلك ويستمر نشاط الشركة في هذا السبيل على هذا الاتجاه. ولكنه يقصد الدخول في المساهمة في هذا النشاط وفي هذه الحركة الإنتاجية والصناعية والاشتراك في تملك الاختصاص في ذلك ومن القواعد الشرعية أنه يجوز تبعا ما لا يجوز استقلالا. ألا نرى أن تملك الشركات المساهمة سيولة من النقود ووجود ديون لها وانتفاء الوضوح الكامل لموجودات الشركة مما يعطي نوع جهالة. كل ذلك يغتفر ولا يؤثر في صحة تداول أسهم الشركات بيعا وشراء وتملكا حيث يجوز تبعا ما لا يجوز استقلالا.

<<  <  ج: ص:  >  >>