من النشاطات المصرفية المعتادة والمتكررة لدى المؤسسات المالية الحوالات. والحوالات قد تكون بعملة البلد المحال فيه كأن يطلب أحد الناس من أحد المصارف تحويل مبلغ من المال بعملة معينة كالريال السعودي أو الدولار الأمريكي فيدفع للمصرف هذا المال ويطلب منه تحويله إلى بلد معين فيقوم المصرف بذلك ويعطيه إشعارا بالتحويل إلى ذلك البلد على أحد المصارف أو على فرع من فروعه، هذا النوع من التحويل المصرفي حوالة محضة ليس لها تعلق بمسائل الصرف وإنما هي من مسائل السفتجة. وقد عرفها بعضهم بقوله: السفتجة هي أن يعطي مالا لآخر مع اشتراط القضاء في بلد آخر وذلك لضمان الطريق على سبيل القرض لا على سبيل الأمانة.
وقد اختلف العلماء في حكمها فجمهورهم قالوا بجوازها مستدلين على ذلك بما روي عن عطاء أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه كان يأخذ من قوم بمكة دراهم ثم يكتب بها إلى أخيه مصعب بن الزبير في العراق ويأخذونها منه فسئل ابن عباس عن ذلك فلم ير به بأسا فقيل له: إن أخذوا أفضل من دراهمهم؟ قال: لا بأس إذا أخذوا بوزن دراهمهم.
وروي أيضا مثل هذا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهؤلاء ثلاثة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أجازوا ذلك.
ورد المجيزون على المانعين قولهم بأن هذا من قبيل القرض الذي يجر نفعا وكل قرض جر نفعا فهو ربا، فإن دافع النقود يستفيد من ذلك أمنه من خطر الطريق. رد المجيزون على ذلك بقولهم:
المنفعة التي تجر إلى الربا في القرض هي التي تخص المقرض كسكنى دار المقترض وركوب دوابه واستعماله وقبول هديته ولا مصلحة له في ذلك، بخلاف هذه المسألة فإن المنفعة مشتركة بينهما وهما متعاونان، فهي من جنس المعاونة والمشاركة (١) . وهذا المعنى ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى وجرى نقل نصه في ذلك.
(١) المغني: ٤/٣٢٠ وتهذيب السنن لابن القيم: ٥/١٥٢ بواسطة الشيخ عمر المترك رحمه الله من كتاب (الربا والمعاملات المصرفية) ص٢٨٣- ٢٨٤