للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلة الفريق الثاني:

١- الذهب والفضة قد خصا بأحكام في مواضع ولم يشاركهما غيرهما في تلك المواضع كتحريم التحلي منهما على الرجال، واتخاذ الأواني ونحوها، فليس بعيدا أن يخصا بتحريم الربا لأجل هذا المعنى (١) .

٢- (إن النقدين جوهران نفيسان بهما تقدر الأموال، ويتوصل بهما إلى سائر الأشياء، فهما أثمان المبيعات غالبا، وقيم المتلفات في جميع أقطار الدنيا، فهما رائجان عند كل الأمم ولدى كل الدول قديما وحديثا وذلك لخصائص ومزايا اعتبرت في هذين المعدنين في الأوصاف والندرة كان بهما أثبت من سواهما، ليكون أساسا للتمويلات ومقياس لقيم سائر الأشياء واسطة بين الإنسان وحاجاته؛ ولهذا قال بعض الفقهاء: إنهم يعتبران أثمان بالخلقة ولا غير مسكوكين) (٢) قال أبو حامد الغزالي: (ما خلقت الدراهم والدنانير لزيد خاصة، ولا لعمرو خاصة، إذ لا غرض للآحاد في أعيانهما فإنهما حجران، وإنما خلقا لتتداولهما الأيدي فيكون حاكمين بين الناس وعلامة معرفة للمقادير مقومة للمراتب) (٣) .

أدلة من قال بالثمنية المطلقة:

يمكن أن يستدل لمن قال: إن العلة الثمنية المطلقة، بأن المقصود ليس هو الذهب والفضة، وإنما المقصود ما يحققانه من كونهما وسيطين للتبادل، وكل منهما معيار للقيمة ووحدة للحساب والعد. وهو ما يعبر عنه الفقهاء من كونهما أثمان المبيعات وقيم المتلفات. والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض يتحقق بها المقصود كيف كانت، والنقد من هذا القبيل فإذا تحققت وظائف الذهب والفضة في غيرهما كان مقتضى ذلك الإلحاق (٤) .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (والتعليل بالثمنية تعليل بوصف مناسب؛ فإن المقصود من الأثمان أن تكون معيارا للأموال يتوصل بها إلى معرفة مقادير الأموال ولا يقصد الانتفاع بعينها فمتى بيع بعضها ببعض إلى أجل قصد بها التجارة التي تناقض مقصود الثمنية واشتراط الحلول والتقابض فيها هو تكميل لمقصودها من التوصل بها إلى تحصيل المطلوب فإن ذلك إنما يحصل بقبضها لا بثبوتها في الذمة مع إنها ثمن من طرفين، فنهى الشارع أن يباع ثمن بثمن إلى أجل فإذا صارت الفلوس أثمانا صار فيها المعنى فلا يباع ثمن بثمن إلى أجل) (٥) .


(١) الحاوي للمواردي ٦- لوحة ٥٤/جـ، ٥٦
(٢) الربا والمعاملات المصرفية؛ للدكتور عمر بن عبد العزيز المترك ص١٠٥
(٣) إحياء علوم الدين ٤/١٤٣
(٤) مجموع الفتاوى ٢٩/ ٤٧١ و٤٧٢
(٥) مجموع الفتاوى ٢٩/ ٤٧١ و٤٧٢

<<  <  ج: ص:  >  >>