للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول ابن القيم: (التعليل بالثمنية هو الصحيح بل الصواب فإنهم أجمعوا على جواز إسلامهما في الموزونات من النحاس والحديد والرصاص فلو كان النحاس والحديد ربويين لم يجز بيعهما إلى أجل بدراهم نقدا – إلى أن قال – والعلة إذا انتقلت من غير فرق مؤثر دل على بطلانه) (١) .

المناقشة والترجيح:

١-إن الأحاديث التي ذكر فيها الكيل والوزن غاية ما فيها أنها دلت على أن الوزن يحقق المماثلة المطلوبة شرعا. لكنها لم تحصر تحقق المماثلة فيهما إذ إن المثلية أعم من الكيل والوزن (٢) . قال النووي: (لا يلزم من كون الكيل معيارا أن يكون علة) (٣) .

قال صديق حسن خان ناقلا عن الشوكاني: (إن ذكره للكيل والوزن في الأحاديث لبيان ما يتحصل به التساوي في الأجناس المنصوص عليها فكيف كان هذا الذكر سببا لإلحاق سائر الأجناس المتفقة في الكيل والوزن بهذه الأجناس الثابتة في الأحاديث، وأي تعدية حصلت بمثل ذكر ذلك، وأي مناط استفيد منها مع العلم أن الغرض بذكرها هو تحقيق التساوي كما قال: مثلا بمثل سواء بسواء) (٤) .

وأما الحديث الثالث فأجيب عنه بأن قوله: (وكذلك الميزان) ليس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من كلام أبي سعيد الخدري وموقوف عليه، وهذا هو جواب البيهقي (٥) . يؤيده رواية هذا الحديث عند مسلم أيضا، والبخاري بدون كلمة ((وكذلك الميزان)) (٦) .

وأجاب القاضي أبو الطيب وغيره: (بأن ظاهر الحديث غير مراد فإن الميزان نفسه لا ربا فيه، وأضمرتم فيه الموزون، ودعوى العموم في المضمرات لا يصح) (٧) ، لأنه تعميم بدون دليل عليه.

وأجيب أيضا: (أنه يحمل الموزون على الذهب والفضة جمعا بين الأدلة) (٨) . (فيكون المقصود هو أن يتساوى النقدان في الوزن لحل مبادلتهما مع اتحاد الجنس، وليس كما يدعون كلمة ((وكذلك الميزان)) تدل بنفسها على حرمة كل مكيل وكل موزون بيع بجنسه مع التفاضل أو مع النسيئة) (٩) .


(١) إعلام الموقعين ٢/١٣٢؛ وانظر: البدائع ٥/١٨٥
(٢) فتح القدير ٧/٧ و٨
(٣) المجموع ٩/٤٠٢ المكتبة السلفية
(٤) الروضة الندية ٢/١١٠، ٢٥٢
(٥) السنن الكبرى ٥/٢٨٦؛ وانظر: المجموع ١٠/٤٤٥
(٦) انظر صحيح مسلم بشرح النووي ٥/١٠٥ باب المساقاة حديث رقم ٩١
(٧) المجموع ٩/٤٤٥
(٨) المجموع
(٩) الربا والمعاملات المعاصرة ص١٠٠

<<  <  ج: ص:  >  >>