للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الخامس

شراء حلي الذهب أو الفضة بجنسه من غير الحلي

المطلب الأول

تعريف الحلي، والصياغة

أ - الحلي: (ما تزين به من مصوغ المعدنيات أو الحجارة) (١)

قال:

كأنها من حسن وشاره والحلي حلي التبر والحجاره

والجمع حلي

قال الفارسي: وقد يجوز أن يكون الحلي جمعا، وتكون الواحدة حلية، كشرية وشري، وهدية وهدي.

والحلية كالحلي، والجمع من حلي وحلي (٢) .

وقوله تعالى: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} [فاطر: ١٢] . جاز أن يخبر عنهما بذلك لاختلاطهما، وإلا فالحلية إنما تستخرج من الملح دون العذب.

وحليت المرأة حليا، وهي حال وحالية: استفادت حليا، أو لبسته. وحلاها، ألبسها حليا أو اتخذه لها. وقوله تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج: ٢٣] عداه إلى مفعولين؛ لأنه في معنى: يُلْبَسُونَ (٣) .

ب - الصياغة: عمل الحلي من فضة وذهب ونحوهما (٤) . أي تحويلهما إلى حلي جديد صالح للاستعمال. جاء في المصباح المنير: (صاغ الرجل يصوغه صوغا: جعله حليا، فهو صائغ، وصواغ، وهي الصياغة، وصاغ الكذب صوغا اختلقه، والصيغة أصلها الواو: مثل القيمة) (٥) (والصيغة العمل والتقدير، وهذا صوغ هذا إذا كان على قدره، وصيغة القول كذا أي مثاله وصورته على التشبيه بالعمل والتقدير) (٦) .

المطلب الثاني

آراء الفقهاء في حكم شراء حلي الذهب أو الفضة بجنسه من غير الحلي

لا خلاف بين الفقهاء في اشتراط التماثل إذا بيع المصوغ بالمصوغ.

أما بيع الذهب المصوغ، كالحلي وغيره بغير المصوغ، كالتبر والمضروب من الدراهم والدنانير، على اعتبار إلغاء الصناعة في المضروب، أو بيع الصحاح بالمكسرة، فللفقهاء في وجوب التماثل، وجواز التفاضل في مقابلة الصنعة مذهبان.

المذهب الأول:

ويري القائلون به أنه لا عبرة للصناعة ولا لغيرها، فيجب التماثل في بيع الجنس بجنسه – ذهب بذهب، أو فضة بفضة – فيحرم بيع مصنوع من الموزونات لم تخرجه الصناعة عن الوزن بجنسه، إلا مثلا بمثل، وزنا بوزن، سواء ما ماثله في الصناعة أم لا.

وهذا مذهب جمهور العلماء من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة (٧) والظاهرية والزيدية والإمامية. وممن قال به من العلماء المعاصرين، سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبد العزيز بن باز، وصدر به قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية (٨) .


(١) المحكم لابن سيده ٣/٣٣٩ مادة: الحاء واللام والياء؛ وانظر: لسان العرب، مادة: حلا.
(٢) المصادر السابقة
(٣) المحكم
(٤) المعجم الوسيط ١/٥٤٨؛ مادة: صاغ
(٥) مادة: صوغ؛ وانظر: المحكم
(٦) المصباح؛ وانظر: المحكم؛ اللسان
(٧) الأم ٤/٣٥، الهداية؛ وفتح القدير ٧/١٣٤؛ ورد المحتار على الدر المختار ٤/٨١؛ المبسوط ١٤/٦؛ الشرح الصغير مع بلغة السالك ٢/١٥؛ مواهب الجليل ٤/٣١٧؛ التاج والأكليل بحاشية مواهب الجليل ٤/٣١٧؛ بداية المجتهد ٢/١٩٦؛ المنتقى ٤/٢٥٨؛ كتاب التلقين ٢/٣٦٨؛ المعونة ٢/١٠٢٢؛ المجموع ١٠/٧٩، روضة الطالبين ٣/٣٧٨؛ فتح العزيز ٨/١٦٠؛ المغني ٦/٦٠؛ الكشاف ٣/٢٥٢؛ شرح منتهى الإرادات ٢/١٩٤؛ الإنصاف ٥/١٤
(٨) المحلى ٩/٥٤٧؛ الروض النضير ٣/٢٢٨ و٢٢٩، كتاب الخلاف للطوسي ٢/١٩؛ شرائع الإسلام ١/١١٠؛ فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم، جمع وترتيب محمد بن قاسم ٧/١٧٤ و١٧٥؛ فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين ٢/٢٢١ و٢٢٢؛ الملخص الفقهي، للشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان ٢/٣١؛ فتاوى إسلامية للمشايخ ابن باز، وابن عثيمين، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين ٢/٢٦٣؛ توضيح الأحكام من بلوغ المرام، للشيخ عبد الله البسام ٤/٢١؛ مجلة الدعوة عدد ٨٣٤ ص٢٧، قرار هيئة كبار العلماء رقم ١٦٨ وتاريخ ٤/٣/١٤١١هـ، فقرة (٢) ، ونصها: (يرى المجلس بالأكثرية وجوب التماثل في بيع المصوغ من الذهب إذا بيع بذهب غير مصوغ وكذا المصوغ من الفضة إذا بيع بفضة غير مصوغة من غير زيادة مع أحدهما)

<<  <  ج: ص:  >  >>