وهذا المرض يحتاج إلى إطعام عن طريق أنبوب إلى المعدة بغذاء شبه سائل بنسب متوازنة وعناية مستمرة بالجلد وتقليب الجسد أو تغيير أوضاعه كل ساعتين تقريبًا لمنع قرح الفراش وكذلك العناية بتصريف البول والبراز، وإنسان من هذا النوع يتنفس ذاتيًا لأن جذع المخ سليم ولكن حياة مثل هذه لا تكون إلا داخل مستشفى وهي بالتأكيد كارثة اقتصادية، للتكلفة المادية الباهظة وانعدام الأمل في عودة المريض إلى وعيه، وقد رأيت بنفسي إحدى هذه الحالات استمرت حياتها لمدة خمسة عشر عامًا على هذا الوضع في إحدى المستشفيات الأوروبية وكان الاحتفاظ بهذا المريض من قبيل استعراض العناية التمريضية الفائقة ولعرضه على الزوار من الأطباء الأجانب، وعادة هذه الحالات تموت نتيجة قرح الفراش أو النزلات الرئوية العارضة ومن الأطباء من يتراخى عمدًا في علاج ما يطرأ عليه من الأمراض العارضة لتسهيل موت المريض من هذا النوع.
وفاة المخ (جذع المخ) :
كما أسلفنا فإنه في أغلب الأحيان تنتهي الحياة الإنسانية بتوقف القلب الذي يعقبه فورًا توقف التنفس وفقدان الوعي ثم تموت الأعضاء بدءًا بالمخ في الدقائق الأولى.. إلخ ولكن هناك حالات أخرى يموت فيها المخ أولًا، وأرجو ألا يستنتج البعض أن هناك أنواعًا مختلفة من الموت ولكن هناك بالفعل أسباب مختلفة له فمريض الكبد أو مريض القلب أو مريض الرئة أو مريض الكلى قد ينتهي به الأمر إلى الموت لأن عضوًا هامًا حيويًا قد تلف في جسمه ويؤدي ذلك إلى اختلال الوظائف الحيوية بهذا الجسم مما يؤدي في أغلب الأحيان إلى هبوط في الدورة الدموية وتوقف القلب عن العمل وبالتالي موت المخ، ولكن هذا لا يمنع أبدًا أن تلف المخ المباشر يؤدي أيضًا إلى وفاة الإنسان حتى لو كانت بقية الأعضاء الأخرى بما في ذلك القلب سليمة وذلك مثل ما يحدث في بعض إصابات الرأس الشديدة في حوادث الطرق أو السقوط من أماكن مرتفعة وكذلك في بعض الأمراض مثل نزيف المخ أو أورام المخ وفي هذه الأحوال يموت المخ بالكامل أو أساسًا جذع المخ وطبيعي تبدأ سلسلة الموت في هذه الحالة بفقد الوعي وتوقف التنفس، وانقطاع الأكسجين عن الدم، إن الدورة الدموية التي ما تزال تعمل ينقص فيها الأكسجين ويتراكم ثاني أكسيد الكربون وبالتدريج تموت بقية الأعضاء الأخرى ولكن هذا لا يعني أن تزويد الجسم بالأكسجين بواسطة أجهزة التنفس الصناعي أن المخ الذي مات قد يعود ثانية، كلا فكما أسلفنا فإن خلايا المخ التي تتلف لا يمكن تعويضها، ولكننا بهذه الطريقة، وأقصد باستعمال التنفس الصناعي، يمكننا المحافظة على أعضاء الجسم الأخرى (خلاف المخ) حية لفترة من الزمن تمتد من عدة ساعات إلى أسبوعين أو نحو ذلك، وهذه المدة لا تطول حتى مع استمرار إعطاء جميع المنشطات الممكنة، فيبدأ ضغط الدم بعد ذلك في الانخفاض وتباطؤ عمليات التمثيل الغذائي وتنخفض درجة حرارة الجسم وأخيرًا يتوقف القلب ويمكننا أن نصف هذه الفترة التي يمكن الاحتفاظ فيها ببعض أعضاء الميت حية بفترة الحياة العضوية (نسبة إلى الأعضاء المتبقية) .