للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فترة الاحتضار:

يتضح مما سبق أن هناك فترة لا تقل عن أربع دقائق بعد توقف القلب والتنفس عن العمل وتشخيص موت الإنسان الأكلينيكي من فقد للحس والوعي والإدراك والحركة والنبض والتنفس ولكن يكون الكثير من أعضائه لا يزال حيًا بل وبعضها تعمل وقابلة للاستمرار في العمل إذا أمكن إنعاشها بتوفير المحيط الملائم لها من تغذية وتصريف للفضلات، وفي هذه الدقائق الأربعة تكون خلايا مخ الإنسان ما تزال حية ولو أسعف هذا الشخص بتدليك قلبه أو بإعطائه الصدمات الكهربية مع التنفس الصناعي لدفع الأكسوجين بالدم وإعطاء المنشطات والمسعفات اللازمة قد يمكن أحيانًا أن يعود القلب للعمل ويبدأ التنفس الذاتي في العمل من جديد ويعود الإنسان إلى وعيه هذا إذا كان سبب الوفاة الأصلي يسمح بذلك وبهذه الطريقة يمكن إنقاذ حياة بعض المرضى في هذه الفترة الحرجة التي يعتبر فيها الإنسان ميتًا بكل المقاييس الأكلينيكية الطبية ولكنه بالفعل لا يكون كذلك لأن مخه ومن ثم معظم أعضاء الجسم لازالت حية فنحن لا يمكننا أن نقول إننا نستطيع أن نعيد الحياة لإنسان قد مات بالفعل، ويمكننا أن نسمي هذه الفترة بفترة الاحتضار وأرى أنه يتحتم على كل طبيب يحضر هذه الفترة أن يحاول هذه المحاولة وإذا لم يفعل فهو نوع من إهمال العلاج.

تلف قشرة المخ:

وفي أحيان نادرة، عند محاولة إنعاش مريض في فترة الاحتضار قد يعود القلب والتنفس للعمل بعد فترة الدقائق الأربع بعدد من الثوان ولكن قشرة المخ الحساسة تكون قد تلفت جزئيًا أو كليًا، على حين تستمر أجزاء المخ الأخرى ومنها جذع المخ في العمل، وقد يحدث هذا التلف نفسه نتيجة هبوط شديد في ضغط الدم لفترة طويلة حتى بدون توقف القلب والتنفس وذلك لوصول الغذاء للمخ بكميات غير كافية في هذه الفترة، وأحيانًا يحدث ذلك نتيجة إصابة شديدة ولكن غير مميتة للمخ.

وينعكس تأثير ذلك على حالة المريض بدرجات متفاوتة حسب درجة التلف ما بين عته بسيط أو ضياع كامل للعقل أو فقدان كامل للوعي وهذه الحالات ليست لها علاج على الإطلاق فخلايا المخ التي تموت لا يمكن تعويضها.

وفي الحالة الأخيرة حيث يكون هناك فقد كامل للوعي يستمر هذا الإنسان في حياة يصفها البعض خطأ بالحياة النباتية والبعض الآخر بالحياة الخلوية وكلها تعبيرات غير دقيقة من الناحية العلمية وقد تكون وصف "حياة جسدية" هو الوصف الأدق ومن الناحية النظرية يمكن لإنسان من هذا النوع أن يعيش مدى حياة كامل على هذا الوضع ويعتمد ذلك على مستوى كفاءة التمريض، والرعاية الطبية وعلاج الأمراض العارضة والتي قد تصيبه نتيجة الرقاد الطويل.

<<  <  ج: ص:  >  >>