في ظني أن الجسم البشري يحتوي على مستويات متعددة من الحياة وتعتبر الحياة الإنسانية هي المستوى الأعلى.
فعند توقف القلب عن العمل نهائيًا لأي سبب من الأسباب، وهو ما يحدث في الغالبية العظمى من حالات الموت فإن ذلك يتبعه فورًا فقدان الوعي وتوقف التنفس وهما وظيفتان من وظائف المخ الذي لا يتحمل توقف دورته الدموية إلا لثوان معدودة ولو أن خلاياه تظل حية لبضع دقائق إلا أنها تتوقف في أثنائها عن العمل.
ويستنتج توقف الدورة الدموية ذلك حرمان جميع أعضاء وأنسجة الجسم من الغذاء اللازم لها وهو أساسًا سكر الجلوكوز والأكسوجين اللازمين لتوليد الطاقة وتشغيل الخلايا، كما أن الفضلات السامة المتخلفة عن هذه العملية وغالبيتها حمضية تتراكم في أماكن تولدها لعدم تصريفها بتوقف الدورة الدموية بالأنسجة.
وبناء على هذه التغيرات الكيماوية تموت الخلايا والأعضاء المكونة لجسم الإنسان وهذه الأعضاء تتفاوت في فترة بقائها حية بعد توقف الدورة الدموية والتنفس اعتمادًا على درجة حساسية هذه الخلايا لنقص الغذاء وتحمل درجات الحموضة فالمخ مثلًا لا تتحمل خلاياه وبالذات خلايا القشرة (قشرة المخ) نقص الجلوكوز والأكسوجين أكثر من نحو أربع دقائق وهناك خلايا بالمخ قد تتحمل البقاء لثوان أخرى أكثر من ذلك ثم يلي ذلك خلايا الكبد والكلى، أما العضلات والعظام والجلد، فقد تستطيع الحياة لعدة ساعات بعد توقف القلب والدورة الدموية، كل هذه التوقيتات في درجات الحرارة العادية للجسم.