للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المقريزي: (فلما قام عبد الله بن الزبير بمكة ضرب دراهم مدورة ... وضرب أخوه مصعب بن الزبير دراهم بالعراق وجعل كل عشرة منها سبعة مثاقيل وأعطاها الناس في العطاء حتى قدم الحجاج بن يوسف العراق من قبل عبد الملك بن مروان فقال: ما نبقي من سنة الفاسق أو المنافق شيئا، فغيرها) (١) .

وقال الدميري في حياة الحيوان الكبرى: وهو – أي عبد الملك بن مروان - أول من ضرب الدراهم والدنانير بسكة الإسلام وكان على الدنانير نقش بالرومية وعلى الدراهم نقش بالفارسية. قلت: ولهذا السبب. وهو إني رأيت في كتاب [المحاسن والمساوئ] (٢) للإمام إبراهيم بن محمد البيهقي ما نصه: قال الكسائي: دخلت على الرشيد ذات يوم وهو في إيوانه وبين يديه مالا كثير قد شق عنه البدر شقا وأمر بتفريقه على خدمة الخاصة وبيده درهم تلوح كتابته وهو يتأمله، وكان كثيرا ما يحدثه فقال: هل علمت أول من سن هذه الكتابة في الذهب والفضة؟

قلت: يا سيدي هو عبد الملك بن مروان. قال: فما كان السبب في ذلك؟

قلت: لا علم لي غير أنه أول من أحدث هذه الكتابة، فقال: سأخبرك؛ كانت القراطيس للروم وكان أكثر من بمصر نصرانيا على دين ملك الروم وكانت تطرز بالرومية وكان طرازها أبا وابنا وروحا، فلم يزل كذلك صدر الإسلام كله يمضي على ما كان عليه إلى أن ملك عبد الملك بن مروان فتنبه له وكان فطنا، فبينما هو ذات يوم إذ مر به قرطاس فنظر إلى طرازه فأمر أن يترجم للعربية ففعل ذلك فأنكره وقال: ما أغلظ هذا في أمر الدين والإسلام أن يكون طراز القراطيس وهي تحمل في الأواني والثياب وهما يعملان بمصر وغير ذلك مما يطرز من ستور وغيرها من عمل هذا البلد على سعته وكثرة ماله، والبلد يخرج منه هذه القراطيس تدور في الآفاق والبلاد وقد طرزت بسطر مثبت عليها، فأمر بالكتابة إلى عبد العزيز بن مروان وكان عامله بمصر بإبطال ذلك الطراز على ما كان يطرز به من ثوب وقرطاس وستر وغير ذلك، وأن يأمر صناع القراطيس أن يطروزها بصورة التوحيد {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا} وهذا طراز القراطيس خاصة إلى هذا الوقت لم ينقص ولم يزد ولم يتغير، وكتب إلى عمال الآفاق جميعا بإبطال أعمالهم من القراطيس المطرزة بطراز الروم ومعاقبة من وجد عنده بعد هذا النهي شيء منها بالضرب الوجيع والحبس الطويل.


(١) النقود العربية: ص٣٣
(٢) المحاسن والمساوئ: ص٤٩٨ – ٥٠٢ ط لبسبيغ سنة ١٩٠٢ م

<<  <  ج: ص:  >  >>