في ضوء ما وصلنا إليه الآن لو عدنا مرة ثالثة للسؤال من هو الإنسان؟ فإن الإجابة تكون: الإنسان هو مخ حي يحمل نفسًا إنسانية، هذا المخ الحي تقوم على خدمته أجهزة كثيرة، بعضها لتغذيته وبعضها لتصريف فضلاته والبعض الآخر لحركته والتنقل به حيث يشاء، ومن خلال المخ تقوم النفس الإنسانية بالتحكم، والسيطرة على جميع أعضاء الجسم وأفعاله.
نعود بعد ذلك لبحث موضوع تحديد وقت وفاة المخ لما لذلك من أهمية شرعية كبيرة. وأرى أن هناك أكثر من طريقة ولكن أكثرها دقة وتحديدًا هي أن يوصل أي مريض مصاب بإصابة شديدة بالمخ بأجهزة تخطيط المخ أو أجهزة قياس عمل المخ. أو أجهزة فحص عمل جذع المخ وهذه كلها أجهزة دقيقة تقوم بتحديد المطلوب وعندما تعطي هذه المؤشرات ما يفيد وفاة المخ تتم عملية الفحص الإكلينيكي بغرفة طبيبين ذوي خبرة كما ذكر سالفًا.
والأهمية الكبرى لهذا التوقيت ليس فقط من الناحية الشرعية، ولكن أيضًا من ناحية قواعد علم نقل وزراعة الأعضاء والذي يتطلب الحصول على الأعضاء بعد الوفاة الإنسانية وأثناء الحياة العضوية للمتوفى وهي الطريقة الوحيدة علميًا البديلة لعملية تبرع الأحياء بأحد أعضائهم لذويهم وهذا التبرع الأخير لا يكون إلا في حالات محدودة (الأعضاء المزدوجة) كالكلى مثلًا وذلك علاوة على ما قد يتعرض له المتبرع من أخطار جراحية أو احتمال احتياجه مستقبلًا للعضو الذي تبرع به.
وفي النهاية إذا ما ثبت لنا ذهاب الحياة الإنسانية فعلى الشرع عندئذ أن يدلي برأيه آخذًا في الاعتبار مئات المرضى الذين يموتون كل يوم في عالمنا الإسلامي وقد تلفت أعضاؤهم من قلوب وأكباد وكلى والذين كان بالإمكان إنقاذ بعض منهم.