الموت والحياة بين الأطباء والفقهاء
للدكتور عصام الدين الشربيني
مستشار الأمراض الباطنية
م. الصباح الكويت
الطب علم سريع التطور والنمو، والطبيب في عمله يتعرض بالتالي لقضايا متجددة يحب أن يؤدي فيها واجبه، ويحب في أداءه هذا أن يسترشد بهدي دينه ويلتزم بحدود شريعته.
والدين رسالة الله في الناس، قد كملت يوم نزل قول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} .
فلا ينبغي أن تعرض للناس قضية لا يكون للشريعة حكم فيها بنص أو باجتهاد، سواء كان الحكم بالفرض أو المنع أو الإباحة.
ومع ذلك يبدو للطبيب في عمله، كما يبدو لغير الطبيب، أن هناك فجوة بين الأحكام الشرعية وبين القضايا المستحدثة في الممارسات الطبية.
ومرد ذلك في نظري إلى أمرين:
أولهما: المحاولات الجارية منذ أكثر من قرن بعزل الشريعة الإسلامية عن المجرى الرئيسي لحياة المسلمين، والتي بلغت ذروتها بعد سقوط الخلافة العثمانية وسيطرة دول غير إسلامية على بلاد المسلمين، وترتب على ذلك أن الطلب لم يعد مستمرًا ولا ملحًا لرأي الشريعة فيما يعرض من قضايا، وكذلك الاستجابة من الفقهاء لم تكن متصلة ولا شاملة ولا مسلمة، كما فقد عنصر التطبيق وما يقدمه من خبرة وإثراء.
ثانيهما: التفاوت الكبير في ثقافة الأطباء وتربيتهم الدينية.
ونستطيع أن نجملهم في طوائف ثلاث..
١- طائفة بحكم إيمانها والتزامها وثقافتها، تحرص على تحري التوجيه الديني والحكم الشرعي، وتستطيع أن تصل إليه في أغلب الأحوال، وأحسبهم قلة نرجو أن تزيد.
٢- طائفة لا تستطيع ولا تهتم بتحري ذلك.
٣- طائفة يحرصون أو يغفلون عن تحري الحكم، ويصيبون أو يخطئون إن تحروا ذلك، معتمدين على أنفسهم أو مستعينين بسواهم ممن هم أكثر معرفة.
ولا شك أن جهود المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية هي محاولة لسد هذه الفجوة بمؤتمريها الأول والثاني، والندوات التي تعقدها لموضوعات محددة مثل ندوة الإنجاب، وندوتكم هذه، وهي جهود تستوجب الشكر والتقدير، وتحفز الهمم لمواصلة السعي وتكثيف الجهد.