للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وندوتنا هذه عن الحياة والموت، أو الحياة بدايتها ونهايتها، وهي كما فهمت ندوة حوار بالدرجة الأولى يطلع فيها الفقهاء على بعض ما يعرض للأطباء وما يعانون ويواجهون، ووجهة نظرهم في ذلك، ويطلع فيها الأطباء على بعض ما يبني عليه الفقهاء آراءهم، وما يستمدون منه أحكامهم، ويسمع بعضنا لبعض وهو ما لا غنى عنه لكلا التخصصين، استقصاءً لجوانب البحث وتقليبًا لأوجه الرأي واستجلاءً لمشاكل التطبيق.

وأحسب أن خير ما أشارك به من جهد هو أن أعرض على سيادتكم بعض ما يواجه الطبيب من قضايا، ومحاولتي كطبيب مسلم أن ألتمس الطريق الذي أسلكه إزاءها في ضوء التزامي المهني بالمحافظة على حياة المريض وتخفيف آلامه ما استطعت، واحترامي كذلك لنهاية هذه الحياة في مرحلتها الدنيوية وهي الموت.

ثم أسألكم فقهاء وأطباء جميعًا أن تروا فيه رأيكم وتقدموا نصحكم، لا رأيًا في نقطة بعينها وحسب ولكن توجيهًا للمنهج الذي يجدر أن يتبع.

اجتهاد أم نص:

وأقول ابتداء إنني حاولت فيما يتيسر لطبيب مسلم متوسط الثقافة أن أجد للموت تعريفًا محددًا للحياة أو للموت، فلم أصل إلى نص شرعي يحدد أيًا من الاثنين، الابتداء أو الانتهاء، فإن صح ذلك معناه أنها تركت للاجتهاد البشري والخبرة البشرية.

وقد أجد إشارات في أبواب كالإرث، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم ((إذا استهل المولود يرث)) (رواه أبو داود) أو قوله: ((لا يرث الصبي حتى يستهل)) (ابن ماجة) ، جاء في الموسوعة الفقهية: وتعرف حياته بالاستهلال صارخًا، واختلف الفقهاء فيما سوى الاستهلال ... ولأن الاستهلال لا يكون إلا من حي والحركة تكون من غير حي ... الخ، وفي رواية عن أحمد إذا علمت حياته بصوت أو حركة أو رضاع أو غيره ورث. وثبتت له أحكام المستهل لأنه حي، وبهذا قال النووي والأوزاعي والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه (١) ...


(١) الموسوعة الفقهية الجزء الثالث فقرة ١١٢ ص ٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>