للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وواضح أن هذا يستند إلى خبرة بشرية بجانبيها الفقهي والطبي، وأجد في باب الجنازة، (١) المسارعة في تجهيز الميت إذا تيقن موته، وإن اشتبه أمر الميت اعتبر بظهور أمارات الموت، وإن مات فجأة انتظر به حتى يتيقن موته" (معجم الفقه الحنبلي) .

فإذا رجعت إلى كتاب من كتب الفقه الحديثة وجدته يقول " لا بد من تحقق الموت بواسطة الأطباء وغيرهم من العارفين". (٢)

ولست هنا أحاول إيجاد حكم فقهي، فتلك مهمة السادة الفقهاء، وكل ما أقوله هو توضيح ما يلمسه الطبيب من أن الحكم يعتمد على خبرة بشرية وهذه قابلة للتطور مع تطور المعرفة البشرية.

النقطة الثانية التي أحب توضيحها:

عملية الموت:

إن الموت ليس نقطة واحدة أو خطًّا رفيعًا، ولكنه عملية لها امتداد يطول أو يقصر، والناس من قديم يعرفون أن فلانا دخل مرحلة الموت أو بدأ عملية الموت أو في حالة احتضار، وتتحدث كتب السنة عما يسن "عند الاحتضار"، وربما كان اللفظ مأخوذًا مما في الكتاب الكريم {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ} (٣) وقوله تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} (٤) ولا شك أن الآيتين الكريمتين تشيران إلى مرحلة من الموت دون المرحلة التي لا تقبل عندها التوبة والتي تشير إليها الآية الكريمة {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ} (٥)

وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)) (٦) (مسلم وغيره) (وفي حديث آخر إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) (٧) (الترمذي) وهنا أيضًا مرحلتان مختلفتان.

والخبرة الطبية لا تختلف عن ذلك.


(١) معجم الفقه الحنبلي جـ ١ ص ١٩٣
(٢) فقه السنة (سيد سابق) ط، جـ ٤ ص ٥٣
(٣) سورة البقرة / ١٣٣
(٤) سورة البقرة / ١٨٠
(٥) سورة النساء/ ١٨
(٦) مختصر صحيح مسلم ٤٥٣
(٧) رياض الصالحين للنووي باب التوبة

<<  <  ج: ص:  >  >>