للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجسم مجموعة من الخلايا والأعضاء والأجهزة تقوم كل منها بوظيفتها، ولها متطلبات لأداء هذه الوظائف من غذاء أو طاقة أو وسط يحيط بها في توازن دقيق، ويعتمد كل منها في ذلك على الآخر، فإذا اختلت وظيفة عضو أثر ذلك على أداء الأعضاء الأخرى لوظائفها بدرجات متفاوتة كما في تشبيه الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤمنين بالجسد ((إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى)) (١) ... والخلل إذا لم يتوقف تداعى إليه عضو بعد عضو حتى يحدث الموت.

ولنذكر بعض الأمثلة:

لا بد للأعضاء والخلايا من أكسجين، وهذه وظيفة الجهاز التنفسي فإذا امتنع ذلك لخنق أو غرق أو توقف إدخال الهواء إلى الرئتين لشلل في عضلات التنفس أو كسر في عظام القفص الصدري، أو غلبة غاز غير الأكسجين، أو مرض بالرئتين يمنع انتقال الأكسجين إلى الدم أو مادة كيميائية تمنع انتقال الأكسجين من الدم إلى الأنسجة، اختلت وظيفة الأعضاء وتداعى الخلل حتى يموت الإنسان، وتختلف الأعضاء في المدة التي تحتملها بغير أكسجين قبل أن تتلف تلفًا كاملًا.

وإذا عجز القلب عن القيام بوظيفة ضخ الدم إلى أعضاء الجسم حدث مثل ذلك، سواء كان العجز لسبب من خارج القلب يعوق عمله، أو لسبب في العضلة نفسها يجعل ضخها غير مُجْدٍ أو لاضطراب في نظام القلب الكهربي، مثل ارتجاف البطين الذي يجعل كل مجموعة من الألياف تنقبض مستقلة عن غيرها من الألياف فلا يكون هناك ضخ على الإطلاق، وتختلف الأعضاء كذلك في تحملها لهذا الخلل قبل أن تتلف، ومن المشهور بين الناس أن الضخ الفعال إذا لم يعد قبل مرور دقائق أربع فإن المخ يتلف تلفًا لا يمكن علاجه.

ومثل ذلك إذا أصيب الإنسان بنزف، ولم يصل للأعضاء حاجتها من الدم ولم يوقف النزف، ويعوض الدم المفقود في الوقت المناسب، أي قبل أن تتلف الأعضاء.


(١) مختصر صحيح مسلم ١٧٧٤

<<  <  ج: ص:  >  >>