للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم ابن قدامة في المغني قال: والحيل كلها محرمة غير جائزة في شيء من الدين وهو أن يظهر عقدا مباحا يريد به محرما مخادعة وتوسلا إلى فعل ما حرم الله واستباحة محظوراته أو إسقاط واجب أو دفع حق ونحو ذلك. قال أيوب السختياني: إنهم ليخادعون الله كأنما يخادعون صبيا، لو كانوا يأتون الأمر على وجهه كان أسهل، فمن ذلك ما لو كان مع رجل عشرة دراهم ومع الآخر خمسة عشرة مكسرة فاقترض كل واحد منهما ما مع صاحبه ثم تباريا توصلا إلى بيع الصحاح بالمكسرة متفاضلا (إلى أن قال) أو اشترى منه بعشرة إلا حبة من الصحيح مثلها من المكسرة ثم اشترى منه بالحبة الباقية ثوبا قيمته خمسة دنانير وهكذا – إلى أن قال – فكل ما كان من هذا على وجه الحيلة فهو خبيث محرم وبهذا قال مالك (١) .

ومنهم الإمام مالك والليث، قال ابن رشد: وأما اختلافهم إذا نقصت المراطلة فأراد أحدهما أن يزيد شيئا آخر مما فيه الربا أو مما لا ربا فيه فقريب من هذا الاختلاف مثل أن يراطل أحدهما صاحبه ذهبا بذهب فينقص أحد الذهبين عن الآخر فيريد الذي نقص ذهبه أن يعطي عوض الناقص دراهم أو عَرَضًا فقال مالك والشافعي والليث: إن ذلك لا يجوز والمراطلة فاسدة. وعمدة مالك التهمة فيه أن يقصد بذلك بيع الذهب بالذهب متفاضلا (٢) .

القول الثاني: ما ذهب إليه أكثر الفقهاء من القول بالجواز والصحة وهو المختار.

قال ابن رشد – بعد ذكر المسألة -: وأجاز ذلك كله أبو حنيفة والكوفيين، وعمدة الحنفية تقدير وجود المماثلة من الذهبين وبقاء الفضل في مقابل العرض (٣) .

وقال ابن قدامة في المغني – بعد طرح المسألة-: وقال أبو حنيفة والشافعي: ذلك كله وأشباهه جائز إذا لم يكن مشروطا في العقد وقال بعض أصحاب الشافعي: يكره أن يدخلا في البيع على ذلك (٤) .


(١) المغني والشرح الكبير: ٤/١٧٩
(٢) بداية المجتهد ونهاية المقتصد: ٢/١٩٩
(٣) البداية والنهاية ٢/٢٠٠
(٤) المغني والشرح الكبير: ٤/١٧٩

<<  <  ج: ص:  >  >>