صحيح أن السلم قد يكون من بيع المعدوم؛ لأن المسلم فيه قد لا يكون موجودا وقت العقد، لكن السلم ليس من بيع المعدوم الممنوع؛ لأن جمهور الفقهاء الذين جوزوا أن يكون المسلم فيه غير موجود وقت العقد، اشترطوا أن يكون المسلم فيه مما يغلب وجوده عند حلول الأجل، وهذا يخرجه من المعدوم الممنوع بيعه، ويدخله في المعدوم الجائز بيعه؛ لأنه كما يقول ابن تيمية وابن القيم:(لم يرد في كتاب الله، ولا في سنة رسوله، بل ولا عن أحد من الصحابة أن بيع المعدوم لا يجوز، لا بلفظ عام، ولا بمعنى عام، وإنما ورد النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي معدومة، كما ورد النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي موجودة، إذن فليست العلة في النهي عن بيع بعض الأشياء المعدومة هي العدم، كما أنه ليست العلة في النهي عن بيع بعض الأشياء الموجودة هي الوجود، فوجب أن تكون هناك علة أخرى للنهي عن بيع تلك الأشياء المعدومة، وهذه العلة هي الغرر، فالمعدوم الذي هو غرر نُهِيَ عن بيعه لكونه غررا، لا لكونه معدوما، كما إذا باع ما يحمل هذا الحيوان، أو ما يحمل هذا البستان، فقد يحمل، وقد لا يحمل، وإذا حمل، فالمحمول لا يعرف قدره ولا وصفه)(١) .
(١) القياس في الشرع الإسلامي لابن تيمية ٢١ – ٢٧؛ إعلام الموقعين لابن القيم ١ /٣٥٧