للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدة الأجل:

اختلف الجمهور القائلون باشتراط الأجل في السلم في أقل مدة الأجل اختلافا كبيرا، والمفتى به عند الحنفية أن أقله شهر، وهو المعتمد في المذهب، وقيل ثلاثة أيام، وقيل أكثر من نصف يوم، وقيل ينظر إلى العرف في تأجيل مثله (١) .

وتحصيل مذهب مالك في مقدار الأجل من الأيام – كما يصوره ابن رشد هو أن المسلم فيه على ضربين: ضرب يقتضى بالبلد المسلم فيه، وضرب يقتضى بغير البلد الذي وقع فيه على السلم، فإن اقتضاه في البلد المسلم فيه، فقال ابن القاسم: إن المعتبر في ذلك أجل تختلف فيه الأسواق، وذلك خمسة عشر يوما، أو نحوها، وروى ابن وهب عن مالك أنه يجوز اليومين والثلاثة، وقال ابن عبد الحكم: لا بأس به إلى اليوم الواحد، وأما ما يقتضى ببلد آخر، فإن الأجل فيه هو قطع المسافة التي بين البلدين قلت أو كثرت (٢) .

ويشترط عند الحنابلة أن يكون الأجل مدة لها وقع في الثمن، كالشهر وما قاربه.

والذي أراه ألا نجعل حدا لأقل الأجل، كما أنه لا حد لأكثره، ويترك تحديد مدة الأجل لاتفاق المتعاقدين، لأن النص الذي أوجب الأجل في السلم لم يحدد مدة لأكثره، كما لم يحدد مدة لأقله، وإنما اشترط أن يكون الأجل معلوما للعاقدين، فيجب الوقوف عند ما أمر به النص.

العلم بالأجل:

لا خلاف بين الفقهاء في أن العلم بالأجل في السلم شرط لصحة العقد لقوله تعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة: ٢٨٢] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إلى أجل معلوم)) .

قال ابن قدامة: (ولا نعلم في اشتراط العلم في الجملة اختلافا (٣) ، ولكن الفقهاء اختلفوا في بعض أنواع الجهالة على نحو اختلافهم في جهالة الأجل في ثمن الدين التي تفسد البيع) .


(١) ابن عابدين ٤/٢٨٦
(٢) بداية المجتهد ٢/٢٠٣؛ وانظر الشرح الكبير مع الدسوقي ٣/١٧٩ و١٨٠ ففيه تفصيل في حال القبض في غير بلد العقد
(٣) المغني ٤/٣٢٢

<<  <  ج: ص:  >  >>