للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إصدار سندات سلم قابلة للتداول (١) :

لا يجوز إصدار سندات سلم قابلة للتداول؛ لأن هذا سيؤدي حتما إلى بيع المسلم فيه قبل قبضه، سواء أكان المسلم فيه طعاما، أم غير طعام، غير أنه إذا كان المسلم فيه طعاما، فالمنع يكون بإجماع الفقهاء، للأحاديث الصحيحة الواردة في منع بيع الطعام قبل قبضه، (٢) ولهذا الموضوع سابقة حدثت في عهد مروان بن الحكم، فقد روى مالك في الموطأ أنه بلغه أن صكوكا (٣) خرجت للناس في زمان مروان بن الحكم من طعام الجار (٤) فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها، فدخل زيد بن ثابت ورجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على مروان بن الحكم، فقالا: أتحل بيع الربا يا مروان؟ فقال: أعوذ بالله، وما ذاك؟ فقالا: هذه الصكوك تبايعها الناس، ثم باعوها، قبل أن تستوفى، فبعث مروان بن الحكم الحرس يتتبعونها ينزعونها من أيدي الناس، ويردونها إلى أهلها (٥) ،وجاء مثل هذا الخبر في المعنى عن أبي هريرة (٦) ،ولعله هو الصحابي الذي كان مع زيد بن ثابت، وأشار إليه مالك من غير ذكر اسمه.

وأما إذا كان المسلم فيه غير طعام فقد رأينا أن الجمهور يمنعون بيعه قبل قبضه، ولو كان لمرة واحدة فكيف إذا تداولته الأيدي؟ أما المالكية فإنهم يجوزون للمسلم أن يبيع المسلم فيه قبل قبضه إذا لم يكن طعاما، ولكنهم لا يجوزون لمن اشترى منه أن يبيع ما اشتراه قبل قبضه، فإصدار سندات سلم قابلة للتداول لا يجوز عند جميع الفقهاء.


(١) هذا العنوان من المجمع
(٢) انظر هذه الأحاديث في كتاب الغرر وأثره في العقود ٣٢٢
(٣) الصكوك جمع صك، وهو الورقة المكتوبة بدين، والمراد بها هنا الورقة التي تخرج من ولي الأمر بالرزق لمستحقه بأن يكتب فيها لفلان كذا وكذا من طعام أو من غيره، ومن هذه الصكوك ما يكون لعمل كأرزاق القضاة والعمال، ومنها ما يكون بغير عمل كالعطاء لأهل الحاجة، والظاهر أن تلك الصكوك كانت من الطعام – النووي على مسلم ١٠/١٧١؛ والمنتقى على الموطأ ٤/٢٨٥
(٤) الجار موضع بساحل البحر يجمع فيه الطعام ثم يفرق على الناس بصكوك – الزرقاني على الموطأ ٣/٢٨٨
(٥) الموطأ بهامش المنتقى ٤/٢٨٥
(٦) النووي على مسلم ١٠/١٧١

<<  <  ج: ص:  >  >>