عقد السلم يمكن أن يطبق في مجالات عديدة، ويكون بديلا شرعيا للتمويل بالقرض بفائدة في كل المجالات التي يحتاج فيها التمويل: المجال الزراعي، والصناعي، والتجاري، ويحقق مصلحة الممول – المسلم إليه – بإمداده بالمال اللازم له في زراعته، وصناعته، وتجارته، ويحقق مصلحة الممول – المسلم- في الحصول على المنتجات الزراعية والصناعية والتجارية بأثمان رخيصة ومشروعة، تمكن من الربح الحلال، وفي تحقيق مصلحة المموِّل والمموَّل تحقيق لمصلحة المجتمع بتشجيع الزراعة والصناعة والتجارة التي تعود على الناس جميعا بالنفع، وتخليص المجتمع من الأضرار التي تصيبه من التعامل بالربا، وسد حاجة الناس جميعا لهذا التعامل، وهذه هي الحكمة من مشروعية عقد السلم. يقول ابن قدامة في هذا المعنى:(ولأن بالناس حاجة إليه – السلم – لأن أرباب الزروع والثمار والتجارات يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم وعليها لتكتمل، وقد تعوزهم النفقة، فجوز لهم السلم ليرتفقوا، ويرتفق المسلم بالاسترخاص)(١) .
هذا وتستطيع البنوك الإسلامية أن تتعامل بعقد السلم في مجال الزراعة والصناعة والتجارة وجميع المجالات التي يحتاج فيها المتعامل معها إلى تمويل، ولكن الواقع أن البنوك الإسلامية لم تطبق صيغة السلم في استثماراتها – وبخاصة عندنا في السودان – إلا في المجال الزراعي، ولهذا سيكون حديثي عن هذه المسألة خاصا بتطبيق البنوك الإسلامية لعقد السلم في مجال الزراعة.
تعامل السودانيون بعقد السلم في مجال الزراعة قبل وجود البنوك، وكان يسمى (الشيل) فكان التجار يشترون من المزارعين المحتاجين إلى المال قبل الزراعة، ويدفعون ثمن ما يشترونه مقدما، ولما قامت البنوك أخذت تمول المزارعين بطريق القرض بفائدة، فتعامل معها بعض المزارعين وامتنع البعض، واستمروا في التعامل مع التجار، وكانت معاملة بعض التجار للمزارعين لا تخلو من استغلال لحاجتهم، فتدخلت الدولة، وسنت قانونا يجيز للمزارع رفع الأمر إلى القضاء لتعديل السعر في حالة الاستغلال.
وعندما منعت البنوك من التعامل بالفائدة، وكان من بين تلك البنوك البنك الزراعي، وهو بنك حكومي متخصص، وهو الممول الأول للمزارعين، طلب من هيئة الرقابة الشرعية البديل فقدمت له عقد السلم التالي: الذي أصبح نموذجا لسائر البنوك.