للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأثبت الفقهاء خيار العيب وخيار الرؤية في رأس مال السلم إذا كان عينا مشخصة ولا يثبتون خيار الرؤية في المبيع وهو المسلم فيه لأن الأصل فيه أنه غائب ويثبتون خيار العيب وهو من الخيارات التي أثبتها الشارع ضمنا إلا إذا رضي المشتري بالعيب مقدما أو قبل أخذ العين كما هي أو على ما تكون عليه بنسبة اختلاف الطقس.

وبما أن خيار الشرط على خلاف الأصل والقياس وإنما أثبته الشارع استثناء لفائدة في البيوع الناجزة المعجلة فلا يقاس عليها غيرها ولذلك ذهبوا إلى أن يكون عقد السلم باتا ليس فيه خيار شرط لأحد العاقدين أو غيرهما.

الاستفادة من عقد السلم في وقتنا الحاضر:

أولا: اشتهر عالمنا اليوم بالصناعات والتطور الهائل في التكنولوجيا، فمعظم الشركات تصنع أشياء وتعرضها للبيع في الأسواق ولكن في كثير من الأحيان تطلب بعض الدول أو بعض المؤسسات الكبيرة أشياء معينة بمواصفات معينة لأغراض معينة وكثير من الشركات قد تطلب الثمن مقدما لتستعين به في إتمام ما طلب عمله فيدفع الثمن على أن يصنع الشيء كما وصف تماما وهذا هو السلف في الصناعات ويصح ويلزم إذا انطبقت عليه الشروط التي ذكرناها آنفا.

ومما ذكره المالكية على وجه الخصوص هنا هو أن لا يشترط أن يصنع المسلم فيه رجل بعينه فلا يصح لأنه قدم نقده وهو لا يضمن أيسلم الرجل إلى ذلك الأجل، أم لا، فهذا من الغرر لأن الرجل إذا مات قبل ما اتفق على صناعته يكون المسلم إليه قد انتفع بالثمن باطلا (١) .ولا أن يشترط عليه أن يصنع المسلم فيه من مادة قد أراه إياها لأنه لا يدري أتسلم تلك المادة إلى ذلك الأجل أم لا وهو من الغرر أيضا (٢) .

وفائدة عقد السلم في الصناعات إذا خلا من الشروط الفاسدة تعظم جدا إذا علمنا أن الخلاف بين الفقهاء كبير في لزوم عقد الاستصناع أو عدم لزومه، وعقد السلف في الصناعات لازم بغير خلاف.


(١) المدونة الكبرى ٣/١٢٧
(٢) المدونة الكبرى ٣/١٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>