للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه لا أرى إصدار سندات سلم قابلة للتداول وأرى فيه تجاوزا لحد الضرورة التي استثنى لها الشارع عقد السلم مع ما فيه من مخالفة للأصل.

عجز البائع عن تسلم البضاعة عند حلول الأجل في السلم ومشروعية الشرط الجزائي عن تأخير تسليم البضاعة:

ذكرنا في هذا المجال حديثا لأبي داود وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أسلم في شيء فلا يصرفه لغيره)) (١) . والحديث: ((من أسلف في شيء فلا يأخذ إلا ما أسلف أو رأس ماله)) مفهوم هذه الأحاديث إن صحت أنه إذا عجز المسلم إليه عن تسليم السلعة المتفق عليها فلا يأخذ المسلم إلا رأس ماله فقط. ولكن الإشكال أن المسلم إليه قد انتفع بالثمن طيلة المدة المتفق عليها فهل يسكت على ذلك؟؟

أجاز المالكية جواز استبدال السلعة المسلم فيها بغيرها إذا حان الأجل ولم يستطع المسلم إليه تسليم ما اتفق عليه. جاء في المدونة الكبرى: أن مالكا رضي الله عنه أجاز استبدال حنطة مسلم فيها بشعير وكذلك إذا أسلف في شعير فلما حل الأجل أخذ سمراء مكان الشعير. وكذلك يصح في قول مالك إذا أسلم الرجل في لحم فلما حل الأجل أراد أن يأخذ شحما أو أسلف في لحم المعز فلما حل الأجل أراد أن يأخذ لحم الضأن أو لحم إبل أو لحم بقر (٢) .

وجاء في مكان آخر في المدونة عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال: إذا أسلفت في ريطة فأعطاك قميصا أو قميصين أو قطيفة أو قطيفتين فلا بأس إن وجد تلك الريطة التي أسلمت فيها أو لم يجدها لأنك لو أسلفت الريطة بعينها فيما أخذت منه لم يكن بذلك بأس (٣) . وكذلك ذكر عن الليث بن سعد عن ربيعة أنه قال في رجل أسلف صيادا دنانير على صنف من الطير كل يوم كذا وكذا طائر فجاءه فلم يجد عنده من ذلك الصنف شيئا أو وجد عنده عصافير فأعطاه عشرة عصافير بطائر واحد مما اشترط عليه، قال ربيعة: عشرة من الطير بواحد حلال وأنا أرى ذلك حلالا كله السلف للصياد وعشرة بواحدة. (٤) .

وأنا أرى أن هذا الذي ذهب إليه المالكية مخرجا وجيها إذا حل الأجل ولم يستطع المسلم إليه تسليم السلعة ويمكن أن يشترطا ذلك ابتداء أو يتفقا عليه عند عدم القدرة على تسليم المسلم فيه.

ومن المعلوم جيدا أنه لا يمكن أن يكون شرط جزائي بتعويض مالي لأن ذلك يكون ربا لا شك فيه.

د. محمد عطا السيد سيد أحمد


(١) سنن أبي داود ٣/٢٧٦ (بيروت: دار الفكر)
(٢) المدونة الكبرى ٣/١٣٦
(٣) المدونة الكبرى ٣/١٢٦
(٤) المدونة الكبرى ٣/١٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>