للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن يجوز أن يشترط في عقد السلم تسليم سلعة معينة موصوفة من أي ماركة تجارية يجدها المسلم إليه، ففي هذه الحالة لا حرج أن يدفع السلعة بأوصافها المذكورة من أي ماركة تجارية يجدها طالما أن رب السلم قد أعطاه الحق في ذلك وطالما أن السلعة نفسها قد وصفت وصفا يعين نوعها واسمها وفرقها من مثيلاتها.

اشتراط قبض بضاعة المسلم قبل بيعها والحكمة في ذلك، وهل يغني عن القبض التحقق من قدرة المسلم على توفير السلعة عند حلول الأجل، أو التأمين على السلعة المسلم فيها، أو وجودها في مخازن عمومية؟؟

يكاد الفقهاء يجمعون أن المسلم فيه يجب أن يكون دينا في الذمة لأن السلم أصلا نوع من المداينة. ولكن اختلفوا فيما إذا كان من شروط السلم أن يكون المسلم إليه مالكا للمسلم فيه. اشترط أبو حنيفة وجود المسلم فيه في الأسواق من حين العقد إلى حين الأجل مخافة أن يحين أجل تسليم المسلم فيه فلا يوجد فيكون ذلك غررا. وخالفه سائر الفقهاء، وقالوا: المرعي وجوده عند الأجل.

وقد أوردنا في نقاش شروط المسلم فيه أقوالا لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسلفون في الحنطة والشعير والزيت دون أن يسألوا المسلم إليهم ألهم حرث أم لا؟ أو يتحرون أن يكون المسلم إليه عنده أصل السلعة المسلم فيها. (١) . وقد ترك الشارع الكريم الأمر إلى رب السلم وثقته في المسلم إليه وتعامله معه ولم يشترط قدرة المسلم إليه على التسليم أو أن يكون مالكا لأصل العين أو لوسيلة إنتاجها.

وبما أن المسلم فيه دين في الذمة فلا أرى جواز بيعه قبل القبض وأرى في ذلك تجاوزا للاستثناء الخاص في عقد السلم وهو بيع المسلم إليه ما ليس عنده خلافا للنص ((لا تبع ما ليس عندك)) فلا يجوز أن يتعداه إلى بيع رب السلم السلعة المسلم فيها قبل قبضها وذلك يضاعف المخاطرة ويتجاوز مقدار المخاطرة الذي استثني للضرورة. وكذلك لا يحل هذا البيع من وجه آخر وهو نص الشارع الكريم في الحديث عن حكيم بن حزام بن خويلد أنه قال: يا رسول الله إني رجل أشتري هذه البيوع فما تحل لي منها، وما تحرم علي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا ابن أخي إذا اشتريت بيعا فلا تبعه حتى تقبضه)) (٢) .

وفي رواية أخرى: ((إذا بعت بيعا فلا تبعه حتى تستوفيه)) (٣) وخاصة في الطعام فلا يجوز بيعه قبل أن يستوفى لما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم.


(١) صحيح البخاري ٣/٤٤- ٤٥
(٢) سنن الدارقطني ٣/٩
(٣) سنن الدارقطني ٣/٩

<<  <  ج: ص:  >  >>