للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلمة "دينك" تحتم المعنيين: الدين الذي له، والدين الذي عليه، والخبر الثاني الذي رواه أبو عبيد عن عمر يؤيد المعنى الأول، والخبر الثاني الذي رواه ابن حزم عن عمر يؤيد المعنى الثاني، ولكن يترتب عليه أن عمر يرى أن الدين يزكيه الدائن والمدين معًا، وهذا غير مقبول.

أما رأي الحسن بن حي فقد علق عليه ابن حزم بقوله: "أما قول الحسن بن حي فظاهر الخطأ، لأنه جعل زكاة الدين على الذي هو له، (١) وعلى الذي هو عليه، فأوجب زكاتين في مال واحد في عام واحد، فحصل في العين نصف العشر، وفي خمس من الإبل شاتان، وكذلك ما زاد". (٢)

ولم يذكر من أورد هذا الرأي دليلًا عليه.

والذي يترجح عندي أن هذا الرأي لا تصح نسبته إلى أحد من الصحابة أو التابعين.

القول الثالث: يزكيه المدين المماطل.

هذا الرأي يستفاد من أقوال إبراهيم النخعي، وعطاء، وإن كان من روى أقوالهما، وهما أبو عبيد وابن حزم جعلاهما مع من يرى وجوب زكاة الدين على المدين من غير تقييد بكونه مماطلًا، وقد تقدم ذكر أقوالهما.

ويلحظ أن الروايات عن عطاء وإبراهيم فيها شيء من الاختلاف.

القول الرابع: يزكيه الدائن من ماله الحاضر:

روى هذا القول عن عمرو وجابر بن عبد الله (٣) وابن عمر والحسن، ومجاهد. (٤)

فقد روي أبو عبيد عن عمر أنه كان إذا خرج العطاء أخذ الزكاة من شاهد المال عن الغائب والشاهد. (٥)

وروى عن جابر بن عبد الله أنه قيل له في دين لرجل على آخر: أيعطى زكاته؟ قال: نعم. (٦)

هذان الخبران يدلان على أن الدائن يزكي ما له من دين من ماله الحاضر، ولكن أبو عبيد ذكرهما مع الرأي القائل بأن الدائن يعجل زكاة الدين مع المال الحاضر إذا كان على الأملياء. (٧)

وليس في الخبرين تقييد.


(١) ذكر ابن حزم الحسن بن حي مع من يوجبون زكاة الدين على الدائن. المحلى ٦/١٣٦، ١٣٧.
(٢) المحلى ٦/١٣٨
(٣) الأموال ٤٣٠، ٤٣١
(٤) المحلى ٦/١٣٢
(٥) الأموال ٤٣٠
(٦) الأموال ٤٣١
(٧) الأموال ٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>