للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الإمام أحمد والترمذي عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المجاهد من جاهد نفسه)) .

ونفس الإنسان هي سر الحياة فيه.. وهي حقيقة الإنسان وذاته. والحيوان يعيش بنفس حيوانية.. وقد يكون بالإنسان نفس حيوانية ونفس إنسانية كما سنبين فيما بعد..

وتوصف النفس البشرية بأوصاف تختلف أحوالها. (١) فإذا زايلها الاضطراب بسبب معارضة الشهوات، سميت "بالنفس المطمئنة" وإذا لامت صاحبها على تقصيره في عبادة الله، سميت "بالنفس اللوامة" وإذا أذعنت لشهوات الجسم، سميت "بالنفس الأمارة بالسوء".

وذكرت النفس في القرآن في ٢٩٥ موضعًا.

- والنفس متعلقة بالجسم وداخلة فيه، كما وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم إذ قال: ((النفس التي بين جنبيك)) ولكنها ليست مادية.. وإذا التقت بالجسم دبت فيه الحياة.. وإذا فارقته انتهت من الإنسان الحياة.. كما قال تعالى {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) } .

والنفس هي التي تموت.. وهي التي تقتل.. وليس الجسم.. لأن الجسم يحيا ويموت وسر الحياة باقٍ في الإنسان.. وقد يموت الجسم فيصبح غير صالح لوجود النفس والروح فيه.. إلا أن الموت هو موت النفس كما قال الله عز وجل في سورة الكهف: {قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} .

وفي سورة آل عمران / ١٤٥ يقول عز وجل: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا} ويقول عز وجل في سورة العنكبوت / ٥٧ {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} والحيوان فيه حياة ففيه إذن نفس حيوانية.. والإنسان حي في بطن أمه قبل نفخ الروح فيه ففيه نفس حيوانية أيضًا.. أما بعد نفخ الروح فيه فإنه يصير خلقًا آخر بشرًا له نفس بشرية أو تأخذ نفسه الصفة البشرية.

فبدء حياة النفس بتكون النطفة ونهايتها بخروجها من الجسم ورجوعها إلى خالقها.


(١) إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي جزء ٣ ص ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>