جاء لفظ الروح في القرآن الكريم في عشرين موضعًا وله مدلولات كثيرة:
جاء بمعنى جبريل كما في سورة مريم/ ١٧ في قوله تعالى:{فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} .
وجاء بمعنى القرآن كما في سورة الشورى/ ٥١ في قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} .
وجاء بمعنى الوحي الإلهي كما في سورة النحل / ٢ في قوله تعالى:{يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} .
وجاء بمعنى الروح البشرية كما في سورة الحجر/ ٢٩ في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٨) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٢٩) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) } .
فالروح في أي معنى من معانيه هو من أمر الله عز وجل.. ولا يحيط بعلمه إلا الله تعالى، لذلك جاء لفظ الروح بصفة شاملة بمعنى الوحي وجبريل والروح البشرية في سورة الإسراء/ ٨٥ في قوله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} .
وقال الإمام أبو حامد الغزالي: الروح هي اللطيفة العالمة المدركة في الإنسان وهو أمر رباني عجيب تعجز أكثر العقول والأفهام عن إدراك حقيقته. (١)
وقال الإمام الشعراني:(لم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم عن حقيقة الروح مع أنه سئل عنه؛ فنمسك عن الحديث عنها أدبًا) .
وقال الإمام الجنيد:(إن الروح شيء استأثر الله تعالى بعلمه ولا يجوز لأحد البحث عنه أكثر من أنه موجود) .
ولا تخضع الروح للعلم التجريبي أبدًا.. ومن هنا فليس لها من مصدر للعلم من علوم البشر.. وليس له من مصدر وحيد إلا ما جاء بالوحي الإلهي في القرآن والسنة.. فينبغي إذن أن نأخذ من الوحي الإلهي العلم عن الروح بدون نقاش لأن علومنا التجريبية تعجز عن أن تكون طرفًا في هذا النقاش.