للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الخامس

اشتراط قبض بضاعة السلم قبل بيعها والحكمة في ذلك

أما اشتراط قبض بضاعة السلم قبل بيعها ففيه ثلاث صور:

الصورة الأولى: بيعها قبل حلول الأجل وقبل قبض البضاعة.

الصورة الثانية: بيعها بعد حلول الأجل وقبل قبض البضاعة.

الصورة الثالثة: بيعها بعد حلول الأجل وبعد قبضها.

أما الصورة الأولى: وهي بيعها قبل حلول الأجل وقبل قبضها فالذي عليه الأكثر هو عدم الجواز واستدل عليه بأن المسلم الذي هو بائع البضاعة غير قادر على تسليمها في الحال، والقدرة على تسليم المبيع شرط في صحة البيع فلا يصح البيع قبل حلول الأجل وقبل القبض.

ولكن يمكن أن يقال: إن المعتبر من القدرة على تسليم المبيع عند الأجل والفرض أن المسلم باعها مؤجلا وهو قادر على التسليم عند الأجل وهو كاف في صحة المعاملة.

وبأن من جملة الشرائط أن يكون البائع مالكا للبضاعة ولا يكون المسلم مالكا للبضاعة قبل حلول الأجل والوجه في ذلك أن المسلم فيه كلي والكلي غير موجود في الخارج والملكية لا تتعلق بأمر لا يكون في الخارج موجودا.

ولكن فيه أنه لا مدخلية للأجل في الملكية إذ العقد هو السبب في الملك والأجل إنما هو لمطالبة السلعة.

ويمكن الاستدلال عليه بقوله: لا تبع ما ليس عندك وتقريره أن المستفاد من الحديث أن البيع قبل قبض السلعة منهي عنه فلا يجوز بيع المسلم فيه قبل حلول الأجل وقبل القبض، ولكن يمكن أن يكون معنى الحديث عدم جواز بيع الشيء قبل أن يصير ملكا للبايع، والمفروض في المقام أن السلعة ملك للمسلم فلا يمكن الاستدلال بالحديث على عدم الجواز، والعمدة في المنع وعدم الجواز في هذه الصورة الإجماع المحكي في كلمات الأعلام (١) .

وفي الجواهر: للإجماع المحكي في التنقيح وظاهر الغنية وجامع المقاصد وغيرها وعن كشف الرموز إن لم يكن محصلا بل لعله كذلك (٢) .

الصورة الثانية: وهي بيع البضاعة بعد حلول الأجل وقبل قبضها فالأقوى الجواز كما في الجواهر (٣) . وفي (جامع المدارك) : فلا إشكال بعد حلول الأجل وإن لم يقبضه (٤) .

فلا يكون في المقام ما يدل على المنع عدا ما عسى يظهر من الحديث النبوي المتقدم: ((لا تبع ما ليس عندك)) .


(١) جامع المدارك ٣/٣٢١
(٢) جواهر الكلام ٢٤/٣٢٠
(٣) جواهر الكلام ٢٤/٣٢٠
(٤) جامع المدارك ٣/٣٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>