للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البحث الثاني: هل يجوز بيع بضاعة السلم بعد حلوله وقبل قبضه؟

وهذه المسألة خلافية عند علماء الإسلام نستعرضها بشيء من التفصيل والتقسيم، فنقسم البحث إلى قسمين:

القسم الأول: هل يجوز بيع بضاعة السلم بعد حلوله وقبل قبضه على غير البائع؟

القسم الثاني: هل يجوز بيع بضاعة السلم بعد حلوله وقبل قبضه على نفس البائع؟

أما القسم الأول: أقول: هناك مسألة أعم من هذه المسألة من جهة وأخص من جهة وهي مسألة: (جواز بيع المبيع قبل قبضه (سلما أو غير سلم) وعدمها) ومسألتنا الخاصة في السلم التي هي بيع البضاعة السلمية قبل قبضها، وهي من مصاديق المسألة العامة، لذا سوف نبحث عن المسألة العامة فيتضح الأمر في مسألتنا الخاصة؛ فنقول:

في هذه المسألة العامة ثلاثة اتجاهات فقهية:

الأول: يرى عدم جواز بيع المبيع قبل قبضه مطلقا (أكان المعقود عليه طعاما أم غيره وسواء كان مكيلا أو موزونا، عقارا أو منقولا) وذهب إلى هذا الاتجاه الإمام الشافعي (١) وأكثر أصحابه والإمام أحمد في رواية (٢) وجمع غفير من العلماء.

الثاني: يرى جواز بيع المبيع قبل قبضه مطلقا، وذهب إليه بعض كعطاء أبي رباح وعثمان البتي. (٣) وذهب إليه بعض الإمامية على كراهة (٤) .

الثالث: تفاصيل أهمها التفصيل بين بيع المكيل والموزون قبل قبضه فهو لا يجوز إلا تولية وبين غيره فيجوز وذهب إليه مشهور فقهاء الإمامية قديما وحديثا (٥) .

ولا بأس بالتنبيه إلى أن النهي الوارد هنا دال على الفساد (أي الإرشاد إلى عدم إمضاء المعاملة) فيكون معنى إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه إلا بعد كيله أو وزنه هو اشتراط القبض في صحة البيع الثاني.

والذي يهمنا هنا هو ما ينساق إليه الدليل من هذه الاتجاهات الثلاثة فنقول:


(١) الأم ٣/٦٠
(٢) المغني لابن قدامة ٤/١٢١-١٢٣
(٣) المحلى لابن حزم ٨/٥٩٧؛ والمغني ٤/٢٢٠
(٤) المختصر النافع ص١٤٨
(٥) هناك تفصيل بين بيع الطعام قبل قبضه فلا يجوز وبين بيع غير الطعام قبل قبضه فهو جائز، ذهب إليه الإمام مالك كما في المشهور عنه والإمام أحمد في رواية عنه. المدونة ٤/٩٠؛ والمغني ٤/١٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>