للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبما أننا لا نجد أي محذور في وجود ضمانات متعددة إذا كانت السلعة عند البائع وباعها المشتري إلى مشتر ثان، وباعها المشتري الثاني إلى ثالث وهكذا، فإذا تلفت السلعة عند البائع قبل أن يسلمها فيكون المشتري الثاني ضامنا للمشتري الثالث ويكون المشتري الأول ضامنا للمشتري الثاني ويكون البائع ضامنا للمشتري الأول، فيستقر الضمان على البائع الذي تلفت السلعة عنده قبل أن يسلمها إلى المشتري الأول ولم نجد أي شاهد من أصول الشرع لمنع أن تتوالى الضمانات، ولم نشاهد حكما علق الشارع فساده على توالي الضمانات" بل قد ورد النص عند المذاهب في تجويز التصرف في المبيع قبل أن يتسلمه المشتري، فهو مع أنه مضمون على البائع يتمكن المشتري من بيعه بجنس آخر، وهو رواية ابن عمر: (كنت أبيع الإبل بالنقيع، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت حفصة، فقلت: يا رسول الله رويدك، أسالك إني أبيع الإبل بالنقيع فأبيع بالدنانير وآخذ بالدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير. آخذ هذه من هذه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء)) (١) ،كما قد ورد عند كل المذاهب جواز التصرف في الثمرة المشتراة على النخل مع أن ضمانها إذا تلفت يكون على البائع، فما نحن فيه أيضا كذلك حتى يتصرف المشتري قبل القبض مع أن الضمان على غيره، فإذا حصل تلف حصل توالي الضمانين.

إذن تكون النتيجة العلمية بناء على الخلاف السابق هو جواز بيع السلعة المشتراة قبل قبضها لعدم ما يمنع من ذلك شرعا، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم على ما نسب إليه من ربح ما لم يضمن لا يمنع من النتيجة السابقة حيث يقال بجواز بيع ما لم يقبض بسعر اليوم، والبيع بسعر اليوم قبل القبض يكون خاليا عن الربح، فلم يربح فيما لم يضمنه.

نعم ورد النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل قبضه، ولكن ذكر ابن القيم أن هذا النهي (إنما هو في الطعام المعين أو المتعلق به حق التوفية من كيل أو وزن فلا يجوز بيعه قبل قبضه) (٢) .


(١) مسند أحمد / ٢/٨٢،١٥٤
(٢) عن تطبيقات شرعية لإقامة السوق الإسلامية/ د. علي القره داغي

<<  <  ج: ص:  >  >>