للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي سورة التغابن/١١ {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} .

وفي سورة آل عمران / ٨: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} .

وكما جاء ذكر القلب بمعنى العقل، فقد جاء ذكر المصدر بمعنى النفس.. كما في سورة الأحزاب / ٣١ {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} أي نفسيته مريضة.

وقوله تعالى في سورة الناس / ٥ {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ}

أي في نفوس البشر.

وفي سورة يونس/ ٥٦ {قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} أي وشفاء لما في النفوس.

وفي سورة الحج/ ٤٥ جاءت آية ذكرت القلب والصدر معًا في قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} قلوب يعقلون بها: أي عقول إدراكات يعقلون بها.

ولكن تعمى القلوب التي في الصدور: أي العقول التي هي نفس الإنسان.

وقال مجاهد في شرح هذه الآية (١) إن لكل إنسان أربع أعين: عينان في رأسه لدنياه وعينان في قلبه لآخرته فإن عميت عينا رأسه وأبصرت عينا قلبه فلم يضره عماه شيئًا، وإن أبصرت عينا رأسه وعميت عينا قلبه فلم ينفعه نظره شيئًا ... وقال ابن عباس: لما نزل قوله تعالى {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا} .

قال ابن أم مكتوم: يا رسول الله فأنا في الدنيا أعمى أفأكون في الآخرة أعمى؟ فنزل قوله تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} أي من كان في هذه أعمى بقلبه عن الإسلام فهو في الآخرة في النار.

فالقلوب التي في الصدور هي اللطيفة الواعية المدبرة في النفس البشرية وقال ابن كثير (٢) في شرح هذه الآية: ليس العمى عمى البصيرة إن كانت القلوب الباصرة سليمة، فإنها لا تنفذ إلى العبر ولا تدري ما الخبر.


(١) تفسير القرطبي الجزء ١٢ ص ٧٧
(٢) ابن كثير الجزء ٣ ص ٢٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>