للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا ذهب إلى هذا القول الإمام أحمد، فقد جاء في مجموع الفتاوى: (سئل رضي الله عنه عن رجل أسلف خمسين درهما في رطل من حرير إلى أجل معلوم، ثم جاء الأجل فتعذر الحرير، فهل يجوز أن يأخذ قيمة الحرير؟ أو يأخذ عوضه أو شيء كان؟ فأجاب: هذه المسألة فيها روايتان عن الإمام أحمد: أحدهما لا يجوز الاعتياض عن دين السلم بغيره كقول الشافعي.

والقول الثاني: يجوز ذلك كما يجوز في غير دين السلم وفي المبيع من الأعيان ... ) (١) .

وقد استدل على ما نحن فيه بالحديث الذي يرويه ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كنت أبيع الإبل بالنقيع – بالنون سوق بالمدينة وبالباء مقبرتها – فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت حفصة، فقلت: يا رسول الله رويدك، أسألك إني أبيع الإبل بالنقيع فأبيع بالدنانير وآخذ بالدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير آخذ هذه من هذه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء)) (٢) .

وهذا الحديث وإن كان في جواز الاعتياض عن الثمن بغيره مع أن الثمن مضمون على المشتري لم ينقل إلى ضمان البائع، إلا أنه استدل به على جواز بيع المثمن الذي هو بيد البائع بغيره مع أنه مضمون على البائع لم ينقل إلى ضمان المشتري (٣) .

ثم إن ابن عباس الذي لم يجوز بيع المبيع قبل قبضه مطلقا، أجاز بيع دين السلم ممن هو عليه إذا لم يربح حتى إنه لم يفرق بين الطعام وغيره ولا بين المكيل والموزون وغيرهما، وقد وجه بقولهم: (لأن البيع هنا من البائع الذي هو عليه وهو الذي يقبضه من نفسه لنفسه، بل ليس هنا قبض، لكن يسقط عنه ما في ذمته فلا فائدة في أخذه منه ثم إعادته إليه) (٤) .


(١) مجموع الفتاوى ١٩/٥٠٣ – ٥١٨
(٢) رواه أحمد في مسنده – ٢/٨٢ – ١٥٤
(٣) راجع مجموع الفتاوى ٢٩/ ٥١٠
(٤) مجموع الفتاوى ٢٩/ ٥١٤

<<  <  ج: ص:  >  >>