للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفهم من ذلك أن القلب الذي ذكر بالقرآن والسنة، هو الوعي والإدراك والفكر والعقل، وأن القلب إذا توقف عن النبض فلا يعني هذا انتهاء العقل أو الإدراك.. أو انتهاء الحياة، فقد يتوقف القلب عن النبض فترة والإنسان حي يرزق، ثم يعود إلى النبض مرة أخرى، بأي صنف من صنوف العلاج، وأما انتهاء الحياة الإنسانية فهو موت المخ نفسه موتًا نهائيًا، لأن المخ هو آلة الوعي والعقل والفكر والإدراك، فإذا ما انتهى من الإنسان كل ذلك فلم يعد إنسانًا.. وإن عاش بعد ذلك بقلب ينبض ونفس يدخل ويخرج.. سواء من تلقاء نفسه أو تحت تنفس فإنه يعيش حياة حيوانية.. وليس حياة بشرية..

الإنسان يتميز على غيره من المخلوقات بحمل الأمانة:

كما قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} .

وقال الفخر الرازي: الأمانة هي التكليف وهي الأمر بخلاف ما في الطبيعة أما السماوات والأرض والجبال فهي على ما خلقت عليه.

والعقل هو محل تلقي التكليف.. والمخ هو مورد العقل. ومن هنا فإذا تعطل المخ أو ماتت خلاياه سقط عن الإنسان التكليف وأصبح هو والحيوان سواء.. وبذلك تسقط عنه الصفة البشرية.

وهكذا نجد أن العقل والقلب والأمانة والفؤاد كل هذه الطاقات البشرية تتصل اتصالًا وثيقًا بالمخ.. فإذا مات المخ انتهت كل هذه الطاقات ولم يعد بالجسم إلا حياة حيوانية ولم يعد إنسانًا ولم يعد بشرًا.

ونأخذ من هذا دليلًا على أن نهاية الحياة الإنسانية هي بموت المخ ولو ظل القلب ينبض، ولو ظل التنفس يعمل ولو ظلت باقي خلايا الجسم تدب فيها الحياة.

علاقة الجسم بالنفس والروح:

الجسم إطار مادي عارض.. والجسم والنفس كمصباح معد تمامًا للإضاءة ولكنه لا يضيء بذاته حتى تنفخ فيه الروح فحينئذ يشرق ويضيء وتكتمل وظائفه.

وليس علاقة الجسم بالروح في اليقظة مثل علاقته أثناء النوم.. فأثناء اليقظة تكون العلاقة كاملة، أما أثناء النوم فتضعف الرابطة بين الجسد والروح والنفس البشرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>