وفي الشريعة والقانون تعتبر دقة القلب وتردد الأنفاس واستيعاب الغذاء وإفراز العصارات والفضلات بالتأكيد من دلائل الحياة، فإن مد الطبيب يده وبحركة واحدة أطفأ كل ذلك فهل اعتدى على الحياة فيقع بذلك تحت طائلة المساءلة أو العقوبة بالدية أو القصاص؟
وليس هذا كل ما في الأمر فلو اعتبرنا لحظة الموت هي لحظة موت المخ وإن بقي الشخص من بعدها نابض القلب متنفسًا متغذيًا مفرزًا من بعد ذلك شهرًا أو شهرين ثم مات من بعد ودفن.
فمن أي التاريخين تكتب شهادة الوفاة؟
ومن أي التاريخين تبدأ عدة زوجته التي توفي عنها؟
وأي التاريخين يحتسب أساسًا للمواريث؟ وهل يحجب إخوته أبناءه إن مات أبوه فيما بين التاريخين؟ لأنه مات (بمخه) قبل موت أبيه، أو يرث ثم يرثه أبناؤه لأنه كان حيًا بدليل النبض والتنفس حال موت أبيه؟
هذه وغيرها أمور تدل على أن في الموضوع أكثر مما يظهر للنظرة السطحية العجلى أو الطبية المجردة.
ولا بد أولًا من أن يضع الأطباء هذه الحقائق أمام رجال التشريع، فإن استقر الرأي على أن الموت موت المخ وأن الوفاة تبدأ من لحظته فمن الطبيعي إذن أن يقنن هذا ويدخل إلى أحكام المساءلة وأحكام عدة المتوفى عنها زوجها وأحكام المواريث.
وليس من الصالح أن يظل الأطباء في عزلة عن القوانين، أو تظل القوانين في غفلة أو في إغماض على هذا المجال الهام من مصالح الناس.
ونوقن أن شريعة الإسلام لا تضيق عن استيعاب المحدثات والتقنين للجدائد والوفاء بالمصالح وحيثما كانت المصلحة فثم شرع الله.