للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ - أهم أهداف السياسة النقدية:

لا شك أن أهم هدفين للسياسة النقدية هما كالآتي:

١- تمكن السلطات النقدية من إحكام الرقابة على النشاط الائتماني للبنوك للتأكد من عدم إسرافها في خلق النقود الائتمانية.

٢- التأثير على مسار المتغيرات الاقتصادية الكلية (الاستثمار -الادخار-الاستهلاك..الخ) من خلال التغيير في حجم المعروض النقدي، للتوصل من ذلك إلى تحقيق الاستقرار داخل السوق النقدي، والمحافظة على مستوى قريب من العمالة الكاملة، ومنع حدوث فجوات تضخمية أو موجة من موجات الكساد.

ب - الآثار المتوقعة من جراء تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على أدوات السياسة النقدية:

فيما يلي تحليل مختصر لأهم الآثار والعوامل المنتظر ترتبها على تطبيق الأحكام الشرعية على الأدوات المباشرة للسياسة النقدية، مبينة حسب الأهداف المرجوة منها:

بالنسبة للهدف الأول (مراقبة عمليات الائتمان) :

تعتبر الأداة الأساسية التي تستخدمها البنوك المركزية للتوصل إلى هذا الهدف هي (نسبة الاحتياطي الإلزامي) . وتتلخص طريقة العمل من خلال هذه الأداة في طلب البنك المركزي من البنوك الإسلامية إيداع نسبة معينة من أرصدة الحسابات الجارية المفتوحة لديها بدون مقابل طرفه. ويكون لهذا البنك، بالإضافة إلى ما سبق ذكره الحق في رفع هذه النسبة أو خفضها بحسب ما قد يراه مناسبا لتحقيق الهدف المطلوب.

أما بالنسبة للآثار المتوقعة من تطبيق الأحكام الشرعية على الميكانيكية التي تعمل من خلالها هذه الأداة، ومقارنة هذه الآثار بالآثار المترتبة على الاقتراح الذي يتقدم به الباحث. فيمكن بيانها في كل من النقطتين التاليتين:

-إذا افترض أن التكييف الفقهي للحسابات الجارية لدى البنوك الإسلامية، هو أنها قرض. وأراد البنك المركزي أن يستخدم أداة نسبة الاحتياطي، فإن ذلك سيضعه في حالة من الحرج. والسبب في ذلك يرجع إلى أن أرصدة هذه الحسابات ستعتبر مملوكة للبنوك (قطاع خاص) ، وبالتالي لا يجوز له مصادرتها أو استعمالها بطريقة تعسفية نظرا لأنه لا يجوز للإمام مصادرة أموال الرعية إلا لضرورة. (١) ،مصداقا لقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة:١٨٨] . ولقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ((لا يحل لامرئ أن يأخذ مال أخيه بغير حق، وذلك لما حرم الله مال المسلم على المسلم)) . (٢) وقوله عليه الصلاة والسلام وهو في حجة الوداع ((: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)) . (٣) إلا أن معنى الضرورة في هذه الحالة قد لا يكتمل للبنك المركزي حتى في حالة حدوث بعض القلاقل في السوق النقدي ونظرا لأنه من شروط الضرورة (بمعناها الشرعي) أن تكون الأداة التي يدفع بها الخطر، أداة لازمة لدفع هذا الخطر، بمعنى أنه لا يوجد لها بديل حلال. (٤) . وفي حالتنا هذه سيكون البديل متوفرا أمام البنك المركزي، وهو الاقتراح الذي يتقدم به الباحث، وهو في حد ذاته كاف تماما لمنع أي فرصة لخلق ائتمان جديد من خلال الحسابات الجارية.


(١) يلاحظ أن ما ينطبق على أداة نسبة الاحتياطي القانوني من محاذير شرعية ينطبق أيضا على ما يسمى بالأدوات النقدية غير المباشرة كفرض حد أقصى على عمليات البنك الائتمانية سواء كان هذا الحد على الحسابات الجارية أو الاستثمارية أو كلاهما معا.
(٢) الحديث أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن أبي سعيد عن أبي حميد العدي.
(٣) الحديث رواة الشيخان وابن ماجه وأحمد بن حنبل.
(٤) انظر: د. يوسف قاسم: (نظرية الضرورة) ، دار النهضة العربية، ١٤٠١هـ -١٩٨١م – ص ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>