للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا- قد يرد البعض على ما جاء بالنقطة السابقة بالقول بأنه طالما كان في استطاعة السلطات النقدية في الدولة الإسلامية إحكام سيطرتها على حجم المعروض النقدي، من خلال الرقابة على العمليات الائتمانية التي تقوم بها البنوك الإسلامية. فلا محل للادعاء بأن زيادة هذا المعروض عن طريق تلك البنوك قد يؤدي إلى عدم الاستقرار أو إلى فقدان الثقة في الجهاز المصرفي.

والإجابة على ذلك باختصار هي كالآتي:

لا شك أن القرارات الخاصة بتطبيق ما يسمى بالسياسات النقدية على اقتصاد الدولة الإسلامية يجب أن تخضع في إطارها العام لأحكام وقواعد الشريعة الإسلامية. وهذه الحقيقة هي المحك الأساسي للفرق بين نظام العمل في الاقتصاد الإسلامي وبين نظم العمل المتبعة في الاقتصاديات التقليدية.

ويدعي الباحث بأن الأخذ في الاعتبار لهذه الأحكام والقواعد من شأنه أن يؤثر تأثيرا سلبيا على فاعلية السياسة النقدية والأدوات المختلفة التي تستخدمها للوصول إلى الأهداف المرجوة منها. وبالتالي قد يقلل من أهمية الاعتماد عليها في تحقيق التوازن والاستقرار النقدي داخل الدولة الإسلامية بالمقارنة بما يمكن أن يكون عليه الوضع في حالة التطبيق على البلدان غير الإسلامية.

ورغم أن تفصيل ذلك يحتاج إلى إفراد بحث مستقل بذاته يخصص لهذا الغرض، إلا أنه يمكن اختصار أهم الملامح الخاصة بهذا الادعاء بتتبع الآثار المختلفة المترتبة على تطبيق الأحكام والقواعد الشرعية على أدوات السياسة النقدية عند محاولة استخدامها في الدولة الإسلامية لتحقيق الأهداف المرجوة منها.

وسنبدأ أولا باستعراض أهم أهداف السياسة المذكورة، ثم نتلو ذلك ببيان عن أهم الآثار المترتبة على تطبيق الأحكام في هذا الشأن.

<<  <  ج: ص:  >  >>