للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسباب والمبررات الأخرى لإعادة التكييف:

وإذا كنت بهذا قد تناولت بعض جوانب هذه المشكلة، فإنني أضيف إلى ذلك أسبابا أخرى قد تكون في حد ذاتها كافية كمبرر للأخذ بالاقتراح الجديد المذكور.

وهذه الأسباب كالتالي:

أولا: أن استخدام النوع الأول من التكييف (اعتبار عقد الحساب الجاري كعقد قرض) يؤدي إلى مشاركة القطاع المصرفي الخاص للدولة في حق إصدار النقود عن طريق خلق النقود الائتمانية كما سبقت الإشارة إليه في بداية هذه الورقة. ولا شك أن ذلك فيه تعارض مع ما ذهب إليه عديد من الفقهاء من عدم جواز تفويض الحاكم للأفراد للقيام بهذه المهمة. فيقول الإمام النووي: (قال أصحابنا: يكره أيضا لغير الإمام ضرب الدراهم والدنانير إن كانت خالصة لأنه من شأن الإمام، ولأنه لا يؤمن فيه الغش والإفساد) (١)

ويقول الإمام أحمد: (لا يصح ضرب الدراهم إلا في دار الضرب بإذن السلطان؛ لأن الناس إذا رخص لهم ركبوا العظائم) (٢)

وبشأن محاولة تعمد بعض الناس غش النقود (وهو ما يترتب أيضا على الإسراف من جانب البنوك في خلق الائتمان) ، يقول ابن العربي المالكي في كلامه عن عقوبة من يكسرون الدراهم والدنانير: (قال مالك: يعاقبه السلطان على ذلك عقابا مطلقا من غير تحديد عقوبة.) (٣) ويقول الإمام النووي في ذلك أيضا: (يقول الإمام الشافعي: يكره للإمام ضرب الدراهم المغشوشة للحديث الصحيح: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ((من غشنا فليس منا)) (٤)


(١) انظر الإمام النووي: (المجموع) ، ٥/٤٦٨.
(٢) انظر: القاضي أبي يعلي (الأحكام السلطانية) –طبعة مصطفى الحلبي، ص١٨١.
(٣) انظر: ابن العربي، (أحكام القرآن) (٣/١٠٦٥-١٠٦٦) .
(٤) انظر الإمام النووي، مرجع سابق ص (٤٦٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>