للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بناء على ذلك فإنه تمشيا مع الأحكام والمقاصد لشريعتنا الغراء، والتي تهدف إلى حفظ كيان المجتمع الإسلامي ورفع المستوى المعيشي لأفراده في كل زمان ومكان، فإن الباحث يرى ضرورة إعادة النظر في التكييف الفقهي المعمول به حاليا بالنسبة للحسابات الجارية في البنوك الإسلامية، ليصبح: وديعة (بمفهومها الشرعي) لدى كل من البنك الإسلامي، والبنك المركزي في نفس الوقت، مع الإذن للبنك المركزي فقط باستخدامها. وقد يتمشى هذا الاقتراح مع الحكم بجواز تعدد المستودع للوديعة (١) لكون أن أرصدة الحسابات الجارية تحتمل القسمة، ولاحتمال بقاء الأموال تحت يد المستودع الأول (البنك الإسلامي) لفترات قصيرة أثناء عمليات تحويلها من وإلى المستودع الثاني (البنك المركزي) . وهذا الاقتراح، وهو ما يطلق عليه بالمفهوم المصرفي: الاحتفاظ باحتياطي ١٠٠ % من أرصدة الحسابات الجارية لدى البنك المركزي، يؤدي نفس الوظائف المتعلقة بخدمة العملاء من حيث تلقي إيداعاتهم والاستجابة لمسحوباتهم الدورية، إلا أنه فضلا عن ذلك، يخرج بنا عن الخلاف الذي يثيره البعض بشأن بقاء جزء من المعروض النقدي لدى البنوك بدون استخدام. وهو موضوع الاقتراح السابق الذي تقدم به الباحث من قبل. (٢)

فالاقتراح الجديد يكفل دفع المفسدة المحتملة من وراء سوء استغلال البنوك التجارية للودائع الجارية، وذلك بمنعها من استخدام تلك الودائع لحسابها. وبالإضافة إلى ذلك فإنه يضمن أيضا عدم تعطيل الأموال أثناء فترة الإيداع لدى الجهاز المصرفي ككل، وذلك بإتاحة الفرصة للبنك المركزي لاستخدامها في الإنفاق العام مع تضمينه رد مثلها للعملاء المودعين عند الطلب ويتميز هذا الاقتراح كذلك بأن استخدامات البنك المركزي لا تهدف إلى تحقيق الربح، وبأنه في حد ذاته يمثل السلطة النقدية في الدولة مما يتيح إحكام الرقابة المباشرة على هذه الأرصدة في حالة استخدامها.


(١) انظر: نزيه حماد –مرجع سابق، ص (١٧٧) .
(٢) يقتصر ذلك الاقتراح على اعتبار الوديعة لدى البنوك بأنها وديعة بمفهومها الشرعي دون إيداع الأرصدة لدى البنك المركزي أو استخدامها بمعرفته انظر: د. حسين كامل فهمي –مرجع سابق-ص (٣٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>