للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحديد محور الخلاف:

يعتقد الباحث أن طريقة الاختيار الواجب النظر إليها بعين الاعتبار عند تحديد نوع التكييف الفقهي للحسابات الجارية المفتوحة لدى البنوك الإسلامية، يجب أن لا تقتصر على مجرد الوقوف على المصالح الخاصة التي تخدم اهتمامات هذه البنوك فقط، وإنما يجب أن تتسع دائرة الترجيح لتشمل أي احتمال لترتب مفاسد معينة من وراء هذه المصالح، هذا فضلا عن ضرورة البحث أيضا عن أي احتمالات لوجود مصالح أخرى قد تكون أكثر شمولا واتساعا من حيث الأثر وتتعارض مع المصالح الخاصة بالبنوك؛ وذلك لأنه إن كانت شريعة الله قائمة على أساس اعتبار مصالح العباد، فالمقصود بمراعاتها أن لا تكون هذه المصالح واهمة بحيث يترتب عليها مفاسد أعظم منها، أو أن يكون هناك مصالح أخرى أرجح منها وأشمل. (١)

يرجع اهتمام الباحث بهذه الاعتبارات لكون أن إضفاء صفة القرض على الحسابات الجارية لدى البنوك الإسلامية في ظل الميكانيكية التلقائية المتاحة لها لخلق النقود من خلال نشاطها الائتماني، قد يترتب عليه مفاسد عظيمة تتلخص في حدوث غبن وظلم للعملاء من أصحاب الحسابات الجارية، فضلا عن ورود احتمال لتعرض البلاد لموجات تضخمية نتيجة لميل البنوك في كثير من الأحيان إلى الإسراف في خلق الائتمان سعيا وراء تحقيق الربح في ظل تكلفة تكاد تكون معدومة. هذا بالإضافة إلى ما تشهد به الأحداث التاريخية على مستوى العالم خلال هذا القرن من تعرض كثير من الأسواق العالمية سواء نقدية أو سلعية للارتباك عدة مرات مما نتج عنه سقوط عدد كبير من البنوك وإفلاس قطاع كبير من الشركات، وتدهور مستوى المعيشة لفئات كثيرة من الأفراد داخل المجتمعات المختلفة.


(١) د. محمد سعيد رمضان البوطي، (ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية) . مؤسسة الرسالة، ١٤٠٢هـ -١٩٨٢م.

<<  <  ج: ص:  >  >>