للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادسا: مسألة رهن النقود المودعة في الحسابات المصرفية:

ذكرنا آنفا أن البنوك اعتادت في معاملاتها أن تستخدم النقود لديها في الحسابات الجارية أو الحسابات الآجلة أو صناديق الاستثمار أو الحسابات الاستثمارية في البنوك الإسلامية رهنا مقابل الوفاء بما يتعلق بذمة ذلك العميل من ديون أو التزامات ناشئة أن البيوع أو القروض أو أنواع التمويلات الأخرى.

والحسابات الجارية وأنواع الحسابات الأخرى لا تخلو من أن تكون في التصور الشرعي نقودا وديونا. وتثير مسألة رهن النقود ورهن الديون إشكالات شرعية كثيرة منها:

أ-أن شرط الرهن أن يكون عينا يصح بيعها فخرج من ذلك الديون إلا عند المالكية لأنهم يجيزون بيعها. (١)

ب-واشترط من أجاز رهن الدين توافق الآجال أو أن يكون أجل الدين المرهون به أطول من أجل الدين فإذا اختلفت الآجال فربما أدى إلى إقراض نظير إقراض إذا كانت قرضا أو إلى بيع وسلف إذا كان الدين ناتجا عن بيع المرابحة. (٢) والحسابات الجارية حالة غير ذات أجل كما أن توافق الآجال في الحسابات الأخرى مسألة عسيرة يصعب أخذها بالاعتبار. وربما عولجت هذه المسألة بحجز البنك الوديعة الجارية في حساب العميل فتصبح ذات أجل إذ لا يسمح له بالسحب منها إلا بعد حلول ذلك الأجل وهو تاريخ تسديد الدين.

لكن النظرة الكلية لهذه المسألة تظهر جوانب أخرى مهمة. ذلك أن الغرض من الرهن توثيق الحق والاطمئنان إلى استيفائه وأن هذه الأحكام المتعلقة بالرهن إنما هي ضوابط الهدف منها تحقيق العدل في المعاملات والثقة به الدائن والمدين. وجلي أن هذه الطريقة تحقق الغرض ولا تلحق الضرر بالمدين. واستيفاء حقه من المبلغ المرهون إنما يكون بالإذن المسبق من العميل، فلم يحتج إلى حكم قضائي، وبما أنه نقود.

ج-أن لا تكون نقودا لأن النقود لا تتعين بالتعيين عند أكثر الفقهاء.

وأجاز البعض رهن الدرهم والدينار إذا طبع عليها. (٣) ومعلوم أن هذا متعذر في الحسابات المصرفية.


(١) بداية المجتهد لابن رشد ٢/٢٦٩.
(٢) الزحيلي، وهبة ٥/٢٢٢.
(٣) القوانين الفقهية لابن جزي ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>