للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الفقه الحنفي نجد السمرقندي يقول: (كل ما لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاكه فهو قرض حقيقة، ولكن يسمى عارية مجازا) (١)

وكذلك نجد شمس الأئمة السرخسي يقول: (إن عارية الدراهم والدنانير والفلوس قرض؛ لأن الإعارة إذن في الانتفاع، ولا يتأتى الانتفاع بالنقود إلا باستهلاكها عينا فيصير مأذونا في ذلك) (٢)

هذا ...

والذي يبدو أن الفقه الوضعي نفسه مر بتطور في مسألة الودائع هذه.

فقد نقل عن الأستاذ (ربير) الفقيه الفرنسي أنه رغم تغليبه فكرة تفسير الوديعة بأنها أمانة محفوظة لكنه يرى أن هذا مجرد تصور نظري لأنه يتعارض مع إمكان تصرف البنك بالنقود ولذلك اتجه إلى فكرة القول بأن الوديعة المصرفية هي وديعة ناقصة أو شاذة، بينما اقترح البعض إعطاء عقد الوديعة صفة جديدة، وهو ما يؤيده الأستاذ على البارودي في كتاب (القانون التجاري اللبناني) ص٢٨٨ حيث يرى أن المودع إنما يقدم على الإيداع لحفظ أمواله، ولكنه لا يحرم البنك من استعمال تلك الأموال.

وهنا نجد الأستاذ سامي حمود يرد عليه بأن اللجوء إلى هذا الحل إنما يكون بعد عدم إمكان تفسيره بحل آخر وهو الإقراض وهذا التفسير –كما يقول الأستاذ علي جمال الدين- يستهوي غالبية الفقه الفرنسي مراعاة منه للوضع الغالب من العمل وهو ما أخذ به القانون المصري حيث نصت المادة ٧٢٦ منه على ما يلي:

(إذا كانت الوديعة مبلغا من النقود أو أي شيء آخر مما يهلك بالاستعمال وكان المودع عنده مأذونا في استعماله اعتبر العقد قرضا) (٣)


(١) تحفة الفقهاء الطبعة الأولى –دمشق ٣/٢٨٤
(٢) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع طبعة القاهرة ٨/٣٨٩٩.
(٣) راجع تطور الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية للدكتور سامي حسن أحمد حمود ص ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>