للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رهن الوديعة الاستثمارية:

أما الودائع الاستثمارية في البنوك التقليدية، فلا يختلف حكمها عن الحسابات الجارية؛ لأنها قروض كما أسلفنا، فينطبق عليها جميع ما قلنا في رهن الحسابات الجارية. أما في البنوك الإسلامية، فليست الودائع الاستثمارية دينا على البنك، وإنما هي حصة مشاعة للمستثمر في موجودات البنك، فلا يجوز رهنها على قول من يمنع رهن المشاع، وهم الحنفية. فإن الأصح عندهم أنه لا يجوز رهن المشاع، ولو كان من شريكه (١) ، وأما الشافعية والمالكية والحنابلة، فإنهم لا بأس عندهم برهن المشاع (٢) ، فيجوز عندهم رهن الودائع الاستثمارية في البنوك الإسلامية.

تجميد البنك أموال صاحب الحساب

طرحت الأمانة العامة للمجمع سؤالا آخر، وهو: هل يجوز للبنك أن يحجز أموال العميل المودع في حساب جار لتصفية حقوق عليه ناشئة من عمليات أخرى وبعبارة أخرى: هل يجوز للبنك أن يجمد الحساب الجاري لعميله، وأن يستوفي منه حقوقه المالية التي وجبت عليه من خلال عمليات التمويل؟

والجواب عن هذا السؤال: أن هذا التجميد إن كان برضا من صاحب الحساب، فتجري عليه أحكام الرهن حسبما فصلنا في الجواب عن السؤال السابق.

وكذلك استيفاء البنك ديونه على العميل من حسابه الجاري، إن كان برضا منه، فتجري عليه أحكام المقاصة. أما إذا كان بدون إذن من صاحب الحساب، بأن كانت عليه ديون للبنك، ولم يوفها في موعدها، فأراد البنك أن يستوفيها من حسابه الجاري المفتوح عنده، فتنطبق عليه المسألة المعروفة عند الفقهاء والمحدثين باسم (مسألة الظفر) . وحاصل المسألة أن الدائن إذا ظفر بمال المدين هل يجوز له أن يستوفي حقه من ماله الذي ظفر به؟ وقد ذكر الفقهاء أن المدين إن كان مانعا للدين لأمر يبيح المنع، كالتأجيل والإعسار، لم يجز أخذ شيء من ماله، وكذلك إن كان المدين مانعا بغير حق، لكن يقدر الدائن على استخلاص حقه بالحاكم، لم يجز له الأخذ أيضا، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، إلا أن هناك وجها عند الشافعي رحمه الله يجيز له الأخذ. وأما إذا لم يقدر الدائن على استخلاص حقه بحكم الحاكم فهذا موضع خلاف بين الأئمة على الشكل التالي. (٣)

١- قال الشافعي رحمه الله تعالى: جاز له أخذ حقه مما ظفر به، سواء كان المال الذي يجده من جنس حقه، أو من خلاف جنسه، وهو رواية عن مالك رحمه الله.


(١) رد المحتار، لابن عابدين ٥/٣٤٨.
(٢) المغني لابن قدامة ٤/٣٧٥
(٣) انظر لهذا التفصيل: المغني لابن قدامة ١٢/٢٢٩و٢٣٠، كتاب الدعاوي والبينات.

<<  <  ج: ص:  >  >>