للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق محاسبة الودائع المصرفية

المعروف في البنوك التقليدية اليوم أنها تعد لائحة الموجودات والمطلوبات (Balance Sheet) للبنك. فالموجودات: هي الأموال التي هي موجودة بيد البنك, أو يتوقع الحصول عليها في المستقبل, مثل التمويلات المقدمة إلى العملاء, التي يرجو البنك استرداها مع الفوائد. والمطلوبات: هي الأموال التي لها مطالب خارج البنك, ويجب على البنك أن يؤديها إلى مطالبيها. ومن عادة البنوك التقليدية أنها تدرج جميع الودائع المصرفية في المطلوبات؛ لأنها تلتزم بردها إلى أصحابها, إما عند طلبهم في الحسابات الجارية وحسابات التغير, وإما عند حلول أجلها في الحسابات الثابتة. أما التمويلات التي يقدمها البنك إلى عملائه, فإنها تدرج في بند الموجودات, لأن البنك يتوقع استردادها منهم مع الفوائد.

أما البنوك الإسلامية, فلا يستقيم فيها هذا الوضع. أما حساباتها الجارية, فإنها تدرج في المطلوبات كما أنها تدرج في البنوك التقليدية, وذلك لما أسلفنا من أن الحسابات الجارية ديون على البنك يستحقها أصحابها, أما حسابات الاستثمار , فليست ديونا على البنك, وإنما هي أموال شركة أو مضاربة اختلطت مع أموال البنك الأخرى, وليست هذه الأموال مضمونة على البنك, فلا يستقيم إدراجها في قائمة المطلوبات بالمعنى الدقيق. وكذلك التمويلات التي يقدمها البنك إلى عملائه لا يمكن إدراج جميعها في الموجودات؛ لأن التمويلات المقدمة على أساس المشاركة والمضاربة غير مضمونة, فإن العميل لا يستطيع أن يضمن أصلها فضلا عن ربحها. نعم يمكن إدراج أثمان المرابحات وأجرة المؤجرات في مطلوبات البنك.

وعلى هذا الأساس, لا يمكن أن تكون لائحة البنك الإسلامي مماثلة للائحة بنك تقليدي من كل الوجوه, بحيث تساوي مبالغ موجوداته مبالغ المطلوبات مائة في مائة. بل ينبغي أن تكون لائحة البنك الإسلامي مثل لائحة شركة تجارية أخرى. وهذا يوافق طبيعة البنك الإسلامي؛ لأنه ليس مؤسسة للإقراض والاقتراض فقط, وإنما هي مؤسسة تجارية تساهم التجارة الوطنية في أربحها وأخطارها.

ولئن وضع بنك إسلامي لائحته على طراز بنك تقليدي بإدراج حسابات الاستثمار في المطلوبات وبإدارج التمويلات كلها في الموجودات, فإن ذلك إنما يكون على سبيل التقريب والاحتمال, لا على أساس القطع واليقين. والله سبحانه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>